لماذا لم ينكر موسى عليه السلام على القوم العاكفين على الأصنام ؟
طرح عليَّ زملائي في العمل هذا السؤال : لماذا لم يدع موسى عليه السلام القوم العاكفين عن الأصنام عندما مر مع قومه معهم ؟
الجواب
الحمد لله.
الأصل الذي دلت عليه الأدلة هو وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لكن يسقط
الوجوب مع العجز ، أو لخوف ترتب مفسدة أعظم ، ثم إنكار المنكر على مراتب: باليد ثم
باللسان ، ثم بالقلب .
هذا هو الأصل العام ، ولا يشكل عليه ما جاء في قصة موسى عليه السلام التي ذكرت ،
فإن القرآن الكريم لم يقص علينا كل سيرة موسى عليه السلام ، بالتفصيل ، وإنما قص
علينا بعضها مما فيه منفعة وعبرة لنا ، وفي القصة التي ذكرتها ، لم يذكر القرآن
الكريم أن موسى عليه السلام أنكر على هؤلاء الذين يعبدون الأصنام ، والقرآن أيضاً
لم ينف حصول ذلك ، وعلى هذا ، فلا يجوز لأحد أن يثبت ذلك ولا أن ينفيه .
لأننا لا ندري ما حدث ، والقرآن لم يذكر لنا ذلك ، فيحتمل أن موسى عليه السلام ،
أنكر عليهم أو أرسل إليهم من أنكر عليهم ، باللسان أو باليد ، ولم يذكره القرآن ؛
لأن السياق كان في بيان حال بني إسرائيل ، وجهلهم وغفلتهم ، ومقابلتهم النعمة
بالإساءة ، فلم يمض وقت على معاينتهم لهلاك فرعون ، ونجاتهم من الغرق ، وهذا من
أعظم النعم عليهم ، حتى طلبوا الشرك من موسى عليه السلام وقالوا : اجعل لنا إلها
كما لهم آلهة .
ويحتمل أنه عليه السلام لم ينكر عليهم ، لسبب رآه في ذلك .
والحاصل : أننا لا يمكننا إثبات ذلك أو نفيه ، وعندنا من شرعنا ( الكتاب والسنة )
ما يدل دلالة قطعية على أن تغيير المنكر وإنكاره واجب باليد لمن استطاع ذلك ، ثم
باللسان لمن لم يستطع تغييره باليد ، ثم بالقلب لمن لم يستطع إنكاره بالقلب .
والله أعلم .