يقترض صاحبه مالا من البنك ليدخل معه شريكا في تجارته
أملك شركة لاستيراد وتصدير الذهب ، وأمر بأزمة مالية حادة ، ونظراُ لحاجتي مبلغاً من المال وذلك بسبب التضخم التجاري في السوق المحلي فقد التجأت إلى معارفي وأصدقائي ولكن لم أتحصل على أي مبلغ لظروفهم الاقتصادية الحالية ، وقد التجأت إلى مصرف تجاري - علما بأنه لا يوجد مصارف إسلامية في بلادنا - ليقوموا بتمويلي ، وعندما علمت أنه يوجد فائدة 5% قيل لي إنها حرام ، عندها أشار علي أحد العاملين بالمصرف بأنه يمكن أن يقترض هذا المبلغ ويتحمل العوائد المصرفية - العاملين في المصرف يسمح لهم بأخذ القروض دون فائدة - نظير مشاركتي في الأرباح ، أرجو منكم إفادتي في هذا الموضوع .
الجواب
الحمد لله.
أولا:
التمويل الذي أشرت إليه تمويل محرم ؛ لأنه قرض ربوي ، يسدد بفائدة قدرها (5%) ، وقد
أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعا فهو ربا .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف .
قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف
على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا ، وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود
أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى من
"المغني" (6/436) .
وقد أحسنت في عدم الإقدام على هذا التمويل ، وسؤالك عما أشكل عليك ، ونسأل الله أن
يبارك في مالك ويخلف عليك خيرا .
ثانيا:
يجوز للعامل في المصرف أن يقترض قرضا حسنا – بلا فوائد – ثم يدخل معك شريكا بهذا
المال ، على ما تتفقان عليه من الربح ، وأما الخسارة – عافاك الله منها – فإنها
تكون على قدر مال كل منكما .
فلو اشترك زيد وعمرو مثلا ، ودفع زيد 100 ألف ، ودفع عمرو 200 ألف ، فلهما أن يتفقا
على ما أرادا من الربح ، كأن يجعل لزيد 25% أو 30 % أو غير ذلك ، والباقي لعمرو ،
وأما الخسارة فإنها تكون على قدر المال ، فيتحمل زيد منها نصف ما يتحمله عمرو .
هذا إذا شارك كل منكما بالمال ، وأما إذا كان المال منه ، والعمل منك ، ولم تشارك
بشيء من المال ، فهذه مضاربة ، والربح فيها على ما تتفقان عليه ، والخسارة على صاحب
المال فقط .
وهذه هي القاعدة في الشركة عموما : أن الخسارة تكون على صاحب المال ، بقدر ماله ،
وأما العامل في المضاربة الذي لا مال له ، فإنه في حال الخسارة يخسر عمله وجهده ،
ولا يضمن شيئا من المال ، إلا إذا حصلت الخسارة بسبب تقصير منه أو تعدٍ فإنه
يتحملها .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/22) : " ( والوضيعة على قدر المال ) يعني
الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله , فإن كان مالهما متساويا في القدر
, فالخسران بينهما نصفين , وإن كان أثلاثا , فالوضيعة أثلاثا . لا نعلم في هذا
خلافا بين أهل العلم . وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي وغيرهما ...
والوضيعة في المضاربة على المال خاصة , ليس على العامل منها شيء ; لأن الوضيعة
عبارة عن نقصان رأس المال , وهو مختص بملك ربه , لا شيء للعامل فيه , فيكون نقصه من
ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء "
انتهى .
وانظر شروط المضاربة الصحيحة في جواب السؤال رقم (114537)
.
ثالثا:
لا يجوز العمل في البنوك الربوية ، وعلى من ابتلي بذلك أن يبادر بالتوبة وترك العمل
، وينظر جواب السؤال رقم (26771)
.
والله أعلم .