هل حدث زلزال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
هل وقعت زلازل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب
الحمد لله.
لم يثبت في كتب السنة والأثر بالسند المتصل الصحيح أن المدينة زلزلت في عهد النبي
صلى الله عليه وسلم ، وما ورد في ذلك إنما جاء بأسانيد ضعيفة مرسلة ، وهذا بيانها :
أولا:
عن محمد بن عبد الملك بن مروان قال : ( إن الأرض زلزلت على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فوضع يده عليها ثم قال : اسكني فإنه لم يأن لك بعد ، ثم التفت إلى
أصحابه ، فقال : إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه ) رواه ابن أبي الدنيا في "العقوبات"
(رقم/18) قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني علي بن محمد بن إبراهيم ، قال : أخبرنا
أبو مريم ، قال : أخبرنا العطار ابن خالد الحرمي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الملك
بن مروان به .
وهذا إسناد ضعيف ، فيه عدة علل ، منها :
1- الإعضال والإرسال ، فوفاة محمد بن عبد الملك بن مروان كانت سنة (266) ، فكيف
يُحَدِّثُ عن أمر وقع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقله غيره .
2- العطار بن خالد الحرمي : لم أجد له ترجمة .
ثانيا:
عن شهر بن حوشب قال : ( زلزلت المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن
ربكم يستعتبكم فأعتبوه ) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/357) قال : حدثنا حفص عن
ليث عن شهر به .
وهذا إسناد ضعيف ، فيه عدة علل :
1- الإرسال ، فشهر بن حوشب توفي سنة (112هـ) ، ولم يدرك زمان النبي صلى الله عليه
وسلم .
2- ثم هو مضعف في نفسه عند بعض أهل العلم ، قال شعبة : لم أعتد به . وقال النسائي :
ليس بالقوي . وقال ابن حبان : كان ممن يروي عن الثقات المعضلات ، وعن الأثبات
المقلوبات . وقال البيهقي : ضعيف . ووثقه آخرون ، لذلك قال فيه الحافظ ابن حجر :
صدوق كثير الإرسال والأوهام . انظر "تهذيب التهذيب" (4/371) .
3- ليث بن أبي سليم : اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك . انظر: "تهذيب التهذيب"
(8/468) .
لذلك قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/222) : " هذا مرسل ضعيف " انتهى .
وقد روي هذا القول من كلام ابن مسعود رضي الله عنه ، كما جاء في تفسير الطبري
(17/478) : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : (
وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا ) ، وإن الله يخوّف الناس بما شاء من
آية لعلهم يعتبرون ، أو يذَّكَّرون ، أو يرجعون ، ذُكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد
ابن مسعود ، فقال : يا أيها الناس ! إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه .
والحاصل أنه لم يثبت وقوع الزلزال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما وقع
بعده في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، روى ذلك ابن أبي شيبة في "المصنف"
(2/358) وغيره ، عن نافع عن صفية قالت : زلزلت الأرض على عهد عمر فخطب الناس فقال :
لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم . ذكر ذلك ابن الجوزي في "المنتظم" في أحداث سنة
عشرين للهجرة .
والله أعلم .