أسلوب عامي يقرن لفظ الجلالة في كل تعبير للدلالة على المبالغة
ما حكم قول حلوة ل الله ، أو بعيدة ل الله ، للدلالة على الكثرة والزيادة :
فمثلاً إذا أريد التدليل على أن الشيء بعيد جداً فيقال : بعيدة ل الله ، فيقرن اسم الله تعالى بقوله ، بعيدة ل الله ؛ لأن الله تعالى يدل على العظمة .
فإن عظم عليه شيء أو صعب عليه فيقول صعب ل الله .
وهذا قول منتشر بين بعض الناس ، ويقرن كثيراً بكل شيء ، يراد به التدليل على الكثرة ، مثل : قصير ل الله ، طويل ل الله ، حقير ل الله ، قوي ل الله ، غير لذيذ ل الله .
وقول آخر للدلالة على الانزعاج فيقول : أنا واصلة معي لعند الله .
فإن كانت الأقوال السابقة مخالفة لشرع الله تعالى ، ومحرمة ، فما سبب ذلك ، وما الدليل على التحريم ؟ ، وهل يختلف القول على حسب اقترانه بشيء حسن أو شيء قبيح في الحكم ، فمثلا : جميل ل الله ، تختلف عن قبيح ل الله ؟
الجواب
الحمد لله.
إذا قصد قائل هذه العبارات الاستخفاف بِقَدْرِ الله ، أو الاستهانة بجلاله عز وجل :
كَفَرَ باتفاق علماء المسلمين .
أما إِن لم يقصد ذلك : فلا يجوز للمسلم – على جميع الأحوال - أن يعتاد مثل هذه
الألفاظ في كلامه وخطابه ، وذلك :
1- لأن في اعتيادها جرأة على لفظ الجلالة ، وإشعارا بالتعدي على عظمته وجلالته ،
والاستخفاف بحقه ، والواجب على المسلم تعظيم أسماء الله تعالى ، وصيانتها ، وحفظ
جلالتها عن كل سبيل قد يؤدي إلى الاستخفاف بها ، أو الوقوع في الخطأ فيها .
2- ثم إن الذي يظهر لنا – من قرائن أحوال قائلي هذه الكلمات – أنها تصدر في أحيان
كثيرة عن حَنَقٍ وغضب يَشْعُرُ قائلُها نفسُه أنه قد تجاوز الأدب والحدود مع الله
سبحانه وتعالى ، نخص من ذلك قوله : " أنا واصلة معي لعند الله " ، فسوء أدب هذه
العبارة ظاهر ، يخشى على قائلها من عقوبتها يوم القيامة ، وكذلك إرداف لفظ الجلالة
لبعض الأوصاف السيئة ، كما جاء في السؤال من قول بعض العامة : " حقير ل الله "،
فهذا فيما نرى لفظ كفري يخشى على قائله من الردة والعياذ بالله .
3- والله سبحانه وتعالى يقول : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ
خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) الحج/30،
ويقول عز وجل: ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ
تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج/32. يقول الشيخ محمد الخادمي الحنفي رحمه الله : " من
آفات اللسان ( ما فيه خوف الكفر ) ، وهو الذي لم يجزم الفقهاء بإيجابه كفرا ، بل
قالوا فيه خوف الكفر ، أو خيف فيه الكفر ، أو خطأ عظيم ، ( وحُكمُهُ أن يؤمر
بالتوبة وتجديد النكاح احتياطا) لاحتمال كونه كفرا "
انتهى. "بريقة محمودية" (3/168)
.
4- وقد فسر بعض أهل العلم قوله سبحانه وتعالى : ( وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً
لأيْمَانِكُمْ ) البقرة/224 بأن المقصود النهي عن الإكثار من حلف الأيمان ولو كانت
بوجه حق ، فكيف إذن بالإكثار من ذكر لفظ الجلالة في كل عبارة تليق أو لا تليق .
يقول العلامة الطاهر ابن عاشور : " أي لا تجعلوا اسم الله كالشيء المعرَّض للقاصدين
" انتهى. "التحرير والتنوير" (2/310) وانظر:
"تفسير القرطبي" (3/97).
والله أعلم .