الحمد لله.
الأحاديث الواردة في المهدي
لقد جاءت الأحاديث الصحيحة الدالة على ظهور المهدي عليه السلام، وأنّه سيكون في آخر الزمان وهو علامة من علامات الساعة وشرط من أشراطها ومن هذه الأحاديث:
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحاً وتكثر الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً يعني حجاجاً (أي سنين). مستدرك الحاكم 4/557-558 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الألباني: هذا سند صحيح رجاله ثقات، سلسة الأحاديث الصحيحة مجلد 2 ص336ح771.
- وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة. مسند أحمد 2/58 ح 645 تحقيق أحمد شاكر وقال: إسناده صحيح وسنن ابن ماجه 2/1367. والحديث صححه أيضاً الألباني في صحيح الجامع الصغير 6735
قال ابن كثير: أي يتوب عليه ويوفقه، ويلهمه ويرشده بعد أن لم يكن كذلك. النهاية في الفتن والملاحم 1/29 تحقيق: طه زيني.
- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ (انحسار الشَّعر عن مقدّمة الجبهة) أَقْنَى الأَنْفِ (أي أنفه طويل رقيق في وسطه حدب) يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ. سنن أبي داود – كتاب المهدي 11/375 ح 4265. ومستدرك الحاكم 4/557 وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وهو في صحيح الجامع 6736.
- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “يَقُولُ الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي (أي من نسبي وأهل بيتي) مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ”. سنن أبي داود 11/373. وسنن ابن ماجه 2/1368، وقال الألباني في صحيح الجامع: صحيح 6734
- وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا، فيقول: لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة. والحديث في صحيح مسلم بلفظ: “.. فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ لا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الأُمَّةَ. رواه مسلم 225
- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منا الذي يصلي عيسى ابن مريم خلفه. رواه أبو نعيم في أخبار المهدي وقال الألباني: ” صحيح ” انظر الجامع الصغير 5/219 ح5796.
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تَذْهَبُ أَوْ لا تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي مسند أحمد 5/199 ح 3573. وفي رواية: يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي. سنن أبي داود 11/370.
آراء العلماء بشأن تواتر أحاديث ظهور المهدي تواترا معنويا
وقد تواترت الأحاديث بظهور المهدي تواتراً معنوياً، كما نصَّ على ذلك بعض الأئمة والعلماء وفيما يلي ذكر طائفة من أقوالهم:
- قال الحافظ أبو الحسن الآبري: قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأن عيسى عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه.
- وقال محمد البرزنجي في كتابه الإشاعة لأشراط الساعة: الباب الثالث في الأشراط العظام والأمارات القريبة التي تعقبها الساعة وهي كثيرة منها المهدي وهو أولها، وأعلم أن الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها لا تكاد تنحصر.
وقال أيضاً: قد علمت أن أحاديث وجود المهدي وخروجه آخر الزمان وأنه من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة عليها السلام بلغت حد التواتر المعنوي فلا معنى لإنكارها.
- وقال العلامة محمد السفاريني: وقد كثرت بخروجه – أي المهدي – الروايات حتى بلغت التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم. ثم ذكر طائفة من الأحاديث والآثار في خروج المهدي وأسماء بعض الصحابة ممن رواها ثم قال: وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومُدوَّن في عقائد أهل السنة والجماعة.
- وقال العلامة المجتهد الشوكاني: الأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يَصْدُق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك.
- وقال العلامة الشيخ صدبق حسن خان: الأحاديث الواردة فيه – أي المهدي – على اختلاف رواياتها كثيرة جداً تبلغ حد التواتر المعنوي، وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد.
- وقال الشيخ محمد بن جعفر الكتاني: والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى بن مريم عليهما السلام أنظر كتاب أشراط الساعة لـ/ يوسف بن عبد الله الوابل، ص 195 -203.
هذا وينبغي العلم بأنّ عددا من الكذّابين قد وضعوا أحاديث في المهدي عليه السلام أو في تعيين أشخاص من الكذّابين على أنّهم المهدي أو أنّه على غير ملّة أهل السنّة والجماعة، كما حاول ادّعاء المهدوية عدد من الدّجالين مخادعة لعباد الله ولنيل شيء من حُطام الدّنيا ولتشويه صورة الإسلام وقام بعضهم بحركات وثوْرات وجمعوا من استغفلوهم من النّاس أو ساروا معهم منتفعين ثمّ هلك أولئك وتبيّن كذبهم وانكشف زيفهم ونفاقهم، وكلّ ذلك لا يضرّ بمعتقد أهل السنّة والجماعة في المهديّ عليه السّلام وأنّه خارج لا محالة ليحكم الأرض بشريعة الإسلام.
والله تعالى أعلم.