ما هي الأوقات التي يمكن للمسلم قراءة القرآن فيها؟ ما أفهمه هو أن القرآن نوع من الذكر، وأن الأذكار يمكن أن تباشر في أي وقت. لكن بعض الاخوة في مسجدنا يشعرون بأنه لا يمكن قراءة القرآن بعد صلاة الفجر إلى أن تشرق الشمس، والسبب هو أننا لا يمكننا أن نسجد في ذلك الوقت. وأنه إذا صادفتنا سجدة تلاوة، فإنه لا يمكننا أن نسجد. ولذلك فإن علينا (ألا) نقرأ القرآن في ذلك الوقت. أرجو أن ترد على سؤالي على ضوء الكتاب والسنة مع بعض الاستدلالات.
الحمد لله.
هذا السؤال يتضمن عدة مسائل :
المسألة الأولى : متى يُمنع المسلم من قراءة القرآن ؟
يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن على كل حال إلا أن يكون على جنابة فإنه لا يجوز له قراءة القرآن في هذه الحالة ، قال شيخ الإسلام : أجمع العلماء على تحريم قراءة القرآن للجنب . انظر توضيح الأحكام لعبد الله البسام ج/1 ص/309
وأما ما ذُكر من أن قراءة القرآن ذكر فهذا صحيح بل هو من أفضل أنواع الذكر ، لأنه كلام الله عز وجل.
المسألة الثانية :
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في أوقات محددة ، يراجع جواب سؤال رقم ( 8818 ) ، والنهي ورد عن الصلاة وعن دفن الميت في هذه الأوقات ، فلا يدخل في ذلك قراءة القرآن ، بل إنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم استحباب ذكر الله بعد الفجر ومن ذلك ولا شك قراءة القرآن فقد روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تامة تامة تامة ) ( الجمعة /535) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (480) ، فالمنع منها لا يصح بدون دليل ، فكيف وقد ورد ما يدل على استحباب ذلك .
المسألة الثالثة :
هل سجود التلاوة يعتبر صلاة ؟
قال الشيخ ابن عثيمين :
ذهب بعض العلماء إلى أنه صلاة .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ليس بصلاة ، لأنه لا ينطبق عليه تعريف الصلاة ، إذ لم يثبت في السنة أن له تكبيراً أو تسليماً ، فالأحاديث الواردة في سجود التلاوة ليس فيها إلا مجرد السجود فقط
( سجد فسجدنا معه ) إلا حديثاً أخرجه أبو داود في إسناده نظر ( أنه كبّر عند السجود ) ولكن ليس فيه تسليم فلم يرد في حديث ضعيف ولا صحيح أنه سلّم من سجدة التلاوة ، وإذا لم يصح فيها تسليم لم يكن صلاة ، لأن الصلاة لا بد أن تكون مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
وبناء على ذلك لا يُشترط له طهارة ولا ستر عورة ولا استقبال القبلة ، فيجوز أن يسجد ولو كان محدثاً حدثاًً أصغر ، ... ومن طالع كلام شيخ الإسلام تبيّن له أن القول الصواب ما ذهب إليه من أن سجود التلاوة ليس بصلاة ، ولا يُشترط له ما يُشترط للصلاة ، فلو كنت تقرأ القرآن عن ظهر قلب وأنت غير متوضئ ومررت بآية سجدة ، فعلى هذا القول تسجد ولا حرج ، وكان ابن عمر رضي الله عنهما مع تشدده ـ يسجد على غير طهارة ـ لكن الاحتياط أن لا يسجد إلا متطهراً .
الشرح الممتع لابن عثيمين ج/4 ص/126
وعلى هذا فإنه يجوز قراءة القرآن بعد صلاة الفجر بل يستحب وأما إذا عرض للقارئ سجود تلاوة بعد الفجر أو بعد العصر فقد سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله هل يسجد للتلاوة الذي يقرأ القرآن بعد العصر أو بعد صلاة الفجر فقال :
يشرع سجود التلاوة بعد طلوع الصبح والعصر لأنه من ذوات الأسباب ، ولأنه ليس له حكم الصلاة في أصح قولي العلماء ، بل حكمه حكم القراءة والتسبيح والتهليل ولهذا يجوز للقارئ أن يسجد سجود التلاوة ولو كان على غير وضوء في أصح قولي العلماء .
فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله ج/2 ص/344.