أين تعتد المطلقة ثلاثا؟
1 - مطلقة ثلاثاً لها أبناء وبنات ، أين تقضي عدتها ؟ هل في بيت أهلها أم في بيت الزوجية مع أبنائها وبناتها ؛ علما هي ترغب في قضاء عدتها مع أبنائها وبناتها ؟
2 - كانت هناك زوجة مطلقة ثلاثا ، وأثناء عدتها حزنت ، وعندما التقت زوجها ( أثناء العدة ) عانقته ، وحدثت أمور ، لكن لم يحدث إي تقبيل أو جماع .
ما هو السبيل للتكفير عن هذا الذنب من الطرفين . علما بأنه لم يحدث تقبيل أو جماع والسلام
الجواب
الحمد لله.
أولا :
إذا طلق الرجل زوجته طلاقا بائنا ، فليس لها نفقة ولا سكنى زمن العدة ، إلا أن تكون
حاملا.
والبينونة نوعان: بينونة صغرى ، وتكون بالطلاق قبل الدخول ، وبالطلاق على عوض
[ يعني : مقابل مال يأخذه الزوج ] .
وبينونة كبرى: وتكون بتمام ثلاث طلقات .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ( وإذا طلق الرجل زوجته طلاقا لا يملك فيه الرجعة ,
فلا سكنى لها , ولا نفقة , إلا أن تكون حاملا ) .
وجملة الأمر , أن الرجل إذا طلق امرأته طلاقا بائنا , فإما أن يكون ثلاثا , أو بخلع
, أو بانت بفسخ , وكانت حاملا فلها النفقة والسكنى , بإجماع أهل العلم ; لقول الله
تعالى :
( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ
لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ
حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) الطلاق /6 ، وفي بعض أخبار فاطمة بنت قيس : ( لا نفقة
لك إلا أن تكوني حاملا ) ولأن الحمل ولده , فيلزمه الإنفاق عليه , ولا يمكنه النفقة
عليه , إلا بالإنفاق عليها , فوجب , كما وجبت أجرة الرضاع .
وإن كانت حائلا [ ليست حاملا ] , فلا نفقة لها .
وفي السكنى روايتان : إحداهما : لها ذلك وهو قول عمر , وابنه وابن مسعود , وعائشة ,
وفقهاء المدينة السبعة ومالك , والشافعي ; للآية.
والرواية الثانية , لا سكنى لها , ولا نفقة ، وهي ظاهر المذهب , وقول علي , وابن
عباس , وجابر , وعطاء , وطاوس , والحسن وعكرمة , وميمون بن مهران , وإسحاق , وأبي
ثور , وداود .
وقال أكثر الفقهاء العراقيين : لها السكنى والنفقة وبه قال ابن شبرمة , وابن أبي
ليلى , والثوري , والحسن بن صالح , وأبو حنيفة وأصحابه , والبتي , والعنبري " انتهى
من "المغني" (8/185).
والدليل على أن المطلقة طلاقا بائنا لا نفقة لها ولا سكنى : ما رواه مسلم (1480)
عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، فَسَأَلْتُهَا
عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا ،
فَقَالَتْ : طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ ، فَقَالَتْ : فَخَاصَمْتُهُ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ ،
قَالَتْ : فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً ، وَأَمَرَنِي أَنْ
أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ .
وفي رواية لمسلم أيضا : قَالَتْ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلَا سُكْنَى ).
وفي رواية لأبي داود : ( لَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا ) .
قال ابن عبد البر رحمه الله : " لكن من طريق الحجة وما يلزم منها قول أحمد بن حنبل
ومن تابعه أصح وأحج ؛ لأنه لو وجب السكنى عليها ، وكانت عبادة تعبدها الله بها ،
لألزمها ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخرجها عن بيت زوجها إلى بيت أم شريك
، ولا إلى بيت ابن أم مكتوم ... وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة
بنت قيس وقد طلقت طلاقا باتا : ( لا سكنى لك ولا نفقة وإنما السكنى والنفقة لمن
عليها رجعة ) ؛ فأي شيء يعارَض به هذا ؟ هل يعارَض إلا بمثله عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، الذي هو المبين عن الله مراده من كتابه . ولا شيء عنه عليه السلام يدفع
ذلك ، ومعلوم أنه أعلم بتأويل قول الله عز وجل : ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
سَكَنْتُمْ ) من غيره " انتهى من "التمهيد" (19/151).
فإن سمح الزوج ببقائها في بيته زمن العدة ، فلا بأس ببقائها ، بشرط أن تحتجب منه ،
لأنه بالبينونة صار أجنبيا عنها ، والأولى أن تعتد في بيت أهلها ، سدا لباب الفتنة
، كما حدث في السؤال المذكور؛ فالشيطان زينها في عينه ، وزينه في عينها ، حتى وقعا
في عمل محرم ، وقد كان جاهدا في تقبيح كل منهما للآخر، حتى وقع بينهما الطلاق ثلاثا
؛ ( فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) الحشر /2 .
ثانيا :
معانقة المطلقة البائن لزوجها عمل محرم ، وكذلك ما وقع بعده من لمس ذكره الخ ،
والواجب عليهما التوبة إلى الله تعالى ، والندم على هذا الفعل المنكر ، ولا يخفى
أنهما بالطلاق الثلاث صارا أجنبيين ، فلا يحل النظر أو اللمس ، فضلا عن المعانقة
وما ذكرت ، ولا يحل أن يرجع لها حتى تنكح زوجا غيره ، نكاحَ رغبة [ يعني : أن تكون
راغبة هي وزوجها الجديد في النكاح الثاني ] ، لا نكاحَ تحليل ، ثم يموت عنها أو
يفارقها .
وينظر : سؤال رقم 14038
والله أعلم .