الحمد لله.
أولاً :
المساجد هي أشرف أماكن الأرض ، وهي بيوت الله ، بنيت لعبادته بالصلاة وقراءة القرآن وذكر الله وتعلم العلم الشرعي وتعليمه والاعتكاف ، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ) رواه مسلم (285) .
فلكل مسلم الحق في الدخول إليها وعبادة الله تعالى ، ما دام يؤدي ذلك على الوجه المشروع .
وعلى هذا ، فمن أراد أن يعتكف في مسجد ما ، فله الحق في ذلك وليس لأحد منعه ، ومن منعه يُخشى أن يدخل في هذه الآية الكريمة : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) البقرة/114 . أي : لا أحد أظلم من هذا .
ويتأكد هذا التحريم ، إذا كان المنع من أجل أن هؤلاء المعتكفين حريصون على اتباع السنة ، وتنفير الناس من البدعة ، وينهون عن الفساد في الأرض ، فيتم التضييق عليهم بمنعهم من الاعتكاف في بيوت الله .
فمن سعى – والحالة هذه – في منع الناس من الاعتكاف والمكث في المساجد للصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله فهو آثم ، داخل في وعيد الآية ، ومن أعانه على ذلك فهو مثله .
أما موظفو المساجد : فإن استطاعوا أن يقفوا وقفة لله ، في وجه من منع الاعتكاف في المساجد بلا حق فهذا هو الواجب عليهم ، ولا يسعهم غير هذا ، وإن لم يستطيعوا ذلك ، فعليهم التلطف مع من أراد الاعتكاف ، ويطلبوا منه أن يعدل عن ذلك ، لأنه ليس من الحكمة أن يعتكف الإنسان في المسجد ، ثم يجلب الضرر على أخيه المسلم .
وقد يكون الخير له وللمسلمين أن يعتكف في المساجد المسموح بالاعتكاف بها حتى يخالط جمعاً كبيراً من المسلمين ، ولعله يكون سبباً في تعليمهم من الأحكام الشرعية ما لا يعلمونه ، أو ينصح أحدهم نصيحة ينتفع بها .
ثانياً :
قد يكون منع الاعتكاف في بعض المساجد مقبولاً لصغر حجم المسجد وضيقه على المصلين ، فالاعتكاف فيه يؤذي المصلين ويزيد من التضييق عليهم .
والله أعلم .