الحمد لله.
ينبغي على المسلم أن يحرص على تمام حجه على وفق السنة ، وخاصة إذا كانت حجة الفريضة ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن بره تحري إتمامه على السنة ، ومن السنة أن يتم النسك على تواليه دون قطعه بعارض
إلا أن يضطر إليه .
والوقت المفضل لطواف الإفاضة والسعي في الحج هو يوم النحر اقتداء به صلى الله عليه وسلم ، لأنه طاف وسعى يوم النحر ، وقال : ( خذوا عني مناسككم ) . رواه مسلم (1297)
أما آخر وقته ، فقد قال ابن قدامة رحمه الله :
"الصَّحِيحُ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ غَيْرُ مَحْدُودٍ ; فَإِنَّهُ مَتَى أَتَى بِهِ صَحَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ , وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الدَّم " انتهى .
"المغني" (3/227) .
وجاء في الموسوعة الفقهية :
" فَلَيْسَ لِآخِرِهِ حَدٌّ مُعَيَّنٌ لِأَدَائِهِ فَرْضًا , بَلْ جَمِيعُ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَقْتُهُ إجْمَاعًا . لَكِنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْجَبَ أَدَاءَهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ , فَلَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى أَدَّاهُ بَعْدَهَا صَحَّ , وَوَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ جَزَاءَ تَأْخِيرِهِ عَنْهَا . وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالتَّأْخِيرِ شَيْءٌ إلَّا بِخُرُوجِ ذِي الْحِجَّةِ , فَإِذَا خَرَجَ لَزِمَهُ دَمٌ . وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ , وَالشَّافِعِيَّةُ , وَالْحَنَابِلَةُ , إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالتَّأْخِيرِ أَبَدًا " . انتهى .
"الموسوعة الفقهية" (17/52) ، وينظر : أضواء البيان ، للشنقيطي (4/406) ، فتاوى اللجنة الدائمة (11/227) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : عن رجل سافر إلى أرضه ولم يطف طواف الإفاضة ؟
فأجاب :
" يجب على هذا الرجل أن يمتنع عن أهله ، لأنه قد حلّ التحلل الأول دون الثاني ، ومن تحلل التحلل الأول دون الثاني أبيح له كل شيء إلا النساء ، ويلزمه أن يذهب إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة لإنهاء نسكه " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (223/15-16) .
والخلاصة : أن هذا الذي خرج من مكة قبل أن يطوف ويسعى للحج ، إن كان قد عاد في أيام الحج ، أو في شهر ذي الحجة ، فطاف وسعى : فقد صح حجه ، ولا شيء عليه .
وإن كان قد أخره حتى خرج شهر ذي الحجة ، ثم عاد فأداه : فقد فعل الواجب عليه ، وصح حجه ، إلا أن الأحوط له أن يذبح دما عن هذا التأخير ، كما سبق نقله المالكية وغيرهم ، ولأن بعض أهل العلم يرى أن وقت الطواف والسعي ، وهكذا سائر أعمال الحج ، ينتهي بخروج شهر ذي الحجة ، لقول الله تعالى : ( الحج أشهر معلومات ) .
وينظر : مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (21/379) .
والله تعالى أعلم .