الحمد لله.
على الأب أن يختار اسماً حسناً لولده ، ولمعرفة بعض آداب اختيار الاسم ، انظر جواب السؤال رقم (7180) .
وأما تسمية المولود بـ "الوليد" فلا حرج فيه .
والوليد في اللغة هو الصبي حين يولد ، ويطلق أيضاً على الصبية ، ويقال أيضاً للصبية : وليدة .
قال الله تعالى : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا) الشعراء/18 ، أي : صغيراً في مهدك .
انظر : "لسان العرب" (6/4914) .
وقد جاءت بعض الأحاديث بالنهي عن التسمي بـ "الوليد" ولكنها كلها فيها مقال ، ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
منها ما رواه أحمد (110) عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وُلِدَ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامٌ فَسَمَّوْهُ الْوَلِيدَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (سَمَّيْتُمُوهُ بِأَسْمَاءِ فَرَاعِنَتِكُمْ ، لَيَكُونَنَّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : "الْوَلِيدُ" لَهُوَ شَرٌّ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ) .
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "تحقيق المسند" (109) : إسناده ضعيف لانقطاعه ، سعيد بن المسيب لم يدرك عمر إلا صغيراً ، فروايته عنه مرسلة [يعني ضعيفة] ...
ثم إن ذِكْر عمر في الإسناد خطأ ، لعله من إسماعيل بن عياش ...
وهذا الحديث مما ادعى فيه بعض الحفاظ أنه موضوع ، منهم الحافظ العراقي ، وقد أطال الحافظ ابن حجر الرد عليه لإثبات أن له أصلاً ، في كتاب "القول المسدد" (ص5-6، 11-16) ، وفي كثير مما قال تكلف ومحاولة .
والظاهر عندي ما قلت : إنه ضعيف لانقطاعه" انتهى باختصار .
"تحقيق المسند" (1/202) .
وقال محققو المسند (1/265، 266) بإشراف الشيخ شعيب الأرنؤوط :
"إسناده ضعيف ، سعيد بن المسيب لم يسمعه من عمر ، وذكر عمر فيه خطأ ....
وأرد الخبر ابن حبان في المجروحين (1/125) وقال : هذا خبر باطل ، ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ، ولا عمر رواه ...
وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (2/46) ...
فالخبر باطل" انتهى باختصار .
وذكر الحافظ ابن حجر شيئاً مما ورد في النهي عن التسمية بـ " الوليد" في "فتح الباري" (10/596) وبَيَّن ضعفها .
وقد أشار الإمام البخاري إلى ضعف ما ورد في النهي عن ذلك ، واختار جواز التسمي بـ "لوليدد" فقال : باب تسمية "الوليد" . ثم ذكر الحديث بإسناده (6200) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : لَمَّا رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ ، قَالَ : (اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ) .
وذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (10/597) : أن البخاري أشار إلى ضعف ما ورد في النهي عن ذلك ثم قال : "وَأَوْرَدَ فِيهِ الْحَدِيث الدَّالّ عَلَى الْجَوَاز ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَغَيَّرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَعَادَتِهِ ، فَإِنَّ فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث الْمَذْكُور الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ الْوَلِيد بْن الْوَلِيد الْمَذْكُور قَدْ قَدِمَ بَعْد ذَلِكَ الْمَدِينَة مُهَاجِرًا ، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيَّرَ اِسْمه" انتهى .
وعلى هذا ؛ فالذي يظهر لنا جواز التسمية بـ "الوليد" إذ لم يثبت ما يدل على كراهة ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .