الحمد لله.
أولاً : من ارتكب معصيةً وذنباً من الذنوب فإنه يتحمَّل وزره وحده ، كما قال تعالى : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ، وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
" فلا يحمل أحدٌ ذنب أحد ، ولا يجني جانٍ إلا على نفسه ". كما قال ابن كثير في تفسيره (5/52)
ولكن من تسبَّب في وقوع غيره بمعصية ؛ فإن عليه وزر التسبب ، من غير أن ينقص من وزر المباشر للمعصية شيء.
قال ابن القيم : " فإنَّ الرب تبارك وتعالى لا يعاقب شرعاً إلا من باشر الجناية أو تسبَّب إليها ". انتهى " الجواب الكافي" صـ77.
وبناء على ذلك ، فإن كانت هذه المرأة قد تسببت في وقوع هذا الرجل بهذه المعصية بفعل كأن تظهر محاسنها أمامه ، أو تتعرض له بفتنة ، أو تخالطه ، أو غير ذلك ، أو قول منها كمحادثته بالهاتف ، أو الخضوع بالقول ... ، فهي آثمة بذلك .
وأما إن كان ما يقوم به هذا الرجل من تلقاء نفسه ، دون تأثير منها كما يظهر من السؤال ، فلا إثم عليها إن شاء الله تعالى .
ثانياً : التعوذ من جر السوء إلى المسلم ثبت في الحديث الصحيح عن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو قَالَ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مَا أَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ .
فَقَالَ : ( يَا أَبَا بَكْرٍ ، قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي ، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا ، أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ ) . رواه الترمذي (3529) وصححه الألباني .
والمقصود بجر السوء إلى المسلم : أن يكون سبباً لوقوعه في المعصية .
قال ابن القيم : "
لما كان الشر له مصدر يَبتدي منه ، وغاية ينتهي إليها .
وكان مصدرها: إما من نفس الإنسان ، وإما من الشيطان .
وغايته: أن يعود على صاحبه ، أو على أخيه المسلم .
تضمن الدعاء هذه المراتب الأربعة ، بأوجز لفظ ، وأوضحه ، وأبينه ". انتهى من " شفاء العليل " (1/162)