الحمد لله.
على المسلم أن يحمد الله تعالى ويشكره على نعمة الإسلام والهداية ، فإنها أعظم النعم ، كما قال تعالى : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام/122 ، وقال سبحانه : ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) الزمر/22 ، وقال : ( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) النور/21 .
ولو نظر هذا المسلم فيما حوله ، وتأمل ما عليه أهل الشرك والوثنية من نصارى وغيرهم لأدرك عظيم فضل الله عليه .
ومع ذلك فقد يعتري المسلم بعض الشكوك ؛ لقلة علمه أو لضعف إيمانه ، أو لوجود من يشككه ، فيلزمه حينئذ أن يرفع الشك عنه بسؤال أهل العلم ، والتدبر في كلام الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم ، والنظر في السيرة والآيات والمعجزات ، فإن ذلك مما يزيد الإيمان ويوصل إلى طمأنينة القلب وانشراح الصدر .
ولا حرج أن يسأل عن المعجزة وعن صحتها ليزداد يقينا وثباتا ، ولا يعد سؤاله هذا خروجا عن الإسلام ، لكن ليحذر من التمادي في الشك أو الانقطاع عن العمل كأن يترك الصلاة عياذا بالله ، فإن ترك الصلاة كفر على الراجح من قولي العلماء .
وليعلم المسلم أنه مهما أذنب من ذنب ثم تاب واستغفر فإن الله تعالى يغفر له مهما كان ذنبه ، وقد تاب الله تعالى على أناس عاشوا دهرهم في الكفر والشرك والصد عن سبيل الله ، ثم صاروا أئمة للهدى ومصابيح للدجى ومنارات على طريق الحق والاستقامة ، وقد قال تعالى : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104 ، وقال : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25 .
فمهما عظم الذنب ، فإن رحمة الله وعفوه وكرمه أعظم .
وقد أحسن من قال :
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة *** فلقد علمت بأن عفوك أعظمُ
إن كان لا يرجوك إلا محسن *** فمن الذي يدعو ويرجو المجرمُ
ونصيحتنا لمن ابتلي بشيء من الشكوك أن يقبل على كتاب الله تعالى فإنه الدواء والشفاء ، كما قال سبحانه : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) الإسراء/82 .
ولينطرح بين يدي الله ، يدعوه ويرجوه أن يزيل همه ، ويفرج كربه ، وينوّر قلبه ، ويُذهب عنه كيد الشيطان .
وإن كان شكه مبنيا على شبهة معينة فليسأل عنها أهل العلم ، فإن دين الإسلام من العظمة والقوة بحيث لا يقف في وجهه شبهة ، ولا تقاومه حجة .
وإن كان ما يأتيه نوع من الوسوسة التي لا تقوم على شبهة معينة ، فإن علاجها بالذكر والطاعة والاستعاذة والتشاغل والتغافل عنها ، وينظر جواب السؤال رقم (12315) .
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .