الحمد لله.
أولاً :
لا يجوز إيداع الأموال في البنوك الربوية إلا لضرورة حفظها عند عدم وجود بنك إسلامي ، ومن ألزم باستلام راتبه عن طريق بنك ربوي ولم يمكنه تحويله إلى بنك إسلامي ، فلا حرج عليه ، وعليه أن يسحب ماله بعد نزوله حتى لا يستفيد منه البنك في معاملاته المحرمة .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : " لا بأس بأخذ الرواتب التي تصرف عن طريق البنك ؛ لأنك تأخذها في مقابل عملك في غير البنك ، لكن بشرط أن لا تتركها في البنك بعد الأمر بصرفها لك من أجل الاستثمار الربوي " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/288).
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " يوجد بعض الجهات من شركات وغير شركات تلزم الموظفين أن يفتحوا حساباً في أي بنك من البنوك من أجل أن تحيل الرواتب إلى هذا البنك , فإذا كان لا يمكن للإنسان أن يستلم راتبه إلا عن هذا الطريق : فلا بأس , يفتح حساباً ، لكن لا يدخل حساباً من عنده , يعني : لا يدخل دراهم من عنده , أما كونه يتلقى الراتب من هذا : فلا بأس " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (111/ 17).
ثانياً :
شراء السيارة عن طريق البنك له صورتان :
الأولى : أن يكون دور البنك هو مجرد التمويل ، فيدفع المال للعميل أو نيابة عنه ، على أن يسترده مقسطا بزيادة ، وهذا قرض ربوي محرم .
الثانية : أن يشتري البنك السيارة ، وينقلها إليه ، ثم يبيعها على العميل ، وهذا جائز بشروط :
الأول : ألا يشترط البنك غرامة في حال التأخر عن سداد الأقساط ؛ لأن اشتراط هذه الغرامة من الربا المحرم ، سواء أخذ البنك الغرامة لنفسه أو وزعها على الفقراء ، وينظر جواب السؤال رقم (89978) .
الثاني : ألا يوقع العميل على عقد شراء أو وعد ملزم بالشراء ، قبل تملك البنك للسيارة .
الثالث : ألا يشترط البنك دفع مبلغ مقدم قبل تملكه للسيارة ؛ لأن العربون – عند من يقول بجوازه وهم الحنابلة - لا يصح قبل العقد .
قال في "غاية المنتهى" (3/79) : " وهو [ أي بيع العربون ] دفع بعض ثمن أو أجرةٍ بعد عقد ، لا قبله . ويقول : إن أخذته أو جئت بالباقي ، وإلا فهو لك " انتهى .
وقال في "كشاف القناع" : " وإن دفع من يريد الشراء أو الإجارة إلى رب السلعة الدرهمَ أو نحوه قبل عقد البيع أو الإجارة وقال : لا تبع هذه السلعة لغيري أو : لا تؤجرها لغيري وإن لم أشترها أو أستأجرها فالدرهم أو نحوه لك , ثم اشتراها أو استأجرها منه وحسب الدرهم من الثمن أو الأجرة صح ذلك . وإن لم يشترها أو يستأجرها فلصاحب الدرهم الرجوع فيه ; لأن رب السلعة لو أخذه لأخذه بغير عوض ولا يجوز جعله عوضا عن إنظاره ; لأن الإنظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه ، ولو جازت لوجب أن يكون معلوم القدر كالإجارة " انتهى بتصرف يسير .
فالحاصل : أنه لا يجوز للبائع أخذ العربون إلا إذا كان الاتفاق عليه بعد العقد ، وأما قبل العقد فلا يجوز آخذه ؛ لأنه يكون عوضا عن الإنظار والإمهال ، وهذا مما لا يعتاض عنه .
وأما جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية فلا يصححون بيع العربون ، ولا يجوّزن للبائع أن يأخذه سواء تم الاتفاق عليه بعد العقد أو قبله .
وبناء على ذلك :
فلا يجوز للبنك أن يأخذ 1200 ريال في حال رجوع العميل عن الشراء ؛ لأنه من باب العربون قبل العقد وهو لا يصح .
وقد سئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله : ما حكم تمويل المنزل المبارك (شراء المنزل باسم البنك إلى حين تسديد القروض ) من البنك العربي والراجحي ؟
فأجاب : "تقوم كثير من البنوك التجارية بتقديم خدمة التمويل لشراء العقارات. وفي البنوك الربوية ، يتقدم العميل بطلب تمويل عقار معين ، فيعطي البنك التجاري المبلغ للعميل ، ويشتري العقار ، ويرهن الصك أو أوراق الملكية لصالح البنك . ولا شك أن ذلك تمويل ربوي محرم.
أما البنوك الإسلامية فبعد تحديد العقار من العميل ، تشتري العقار لصالحها ، وتنقل ملكية العقار لها ، ثم تبيع على العميل بيعا بثمن آجل بربح معلوم . وهذا لا شك في جوازه.
ومن الأمور التي يحسن التنبه لها في هذا المقام : أنه لا يجوز للبنك المقدم لخدمة تمويل العقار طلب دفعة أولى من العميل قبل شراء العقار ، ولا يجوز له أن يلزم العميل بشراء العقار ، بل للعميل الخيار في الشراء وعدمه " انتهى من "موقع الشيخ على الإنترنت".
والله أعلم