الحمد لله.
من كان مأمونا ومسؤولا عن أموال الحكومة فعليه الاحتفاظ بها وعدم إخفاء شيء منها وردها إلى بيت المال الذي تكون تابعة له ، ولا يجوز له أخذ هذه الأموال من مال الدولة ، بل عليه أن يؤديه إلى من ائتمنه عليه ولو لم يكن فيه مضرّة على أحد ، ولا يسوّغ أخذه كونه قد سدّد مستحقات الحكومة ، فلو دفع له مثلا عشرون ألفا ليشتري بها سيارة فاشتراها بتسعة عشر ألفا ، فإنه يردّ الباقي على من دفعه إليه ويُخبر بأنه سدّد مستحقات الدولة وبقي عنده هذا الفائض ، ولا يجوز له أخذ هذه الأموال الفائضة ولو عرف أنه إذا ردّها فإنها لا ترجع إلى بيت المال ، وذلك لأنه مؤتمن عليها ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : (من ائتمناه على شيء مما جعله الله إلينا ، فليؤد الخيط والمخيط ويأخذ ما أعطيناه) وثبت أنه صلى الله عليه وسلم حذر من أخذ شيء من تلك الأموال وسمّاها غلولا تدخل في قوله تعالى : ( ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة ) فالغلول إخفاء شيء من الغنيمة أو من أموال الزكوات أو الإيرادات المالية ، فمن أخذ منها شيئا بغير حقه فإن هذا من الغلول ، ومن أفتى بجواز أخذها وادعى أنها من الأموال السائبة وأن الآخذ محتاج إليها فقد أخطأ ، فإنها من بيت المال ومن ملك الدولة ، ولا يأخذ منها أحد إلا ما يستحقه وما يُصرف له ، فلا يحق لأحد ولو كان مسؤولا عن أموال الدولة أن يأخذ مما ائتمن عليه شيئا إذا كان العرف لا يجيز ذلك ، حتى مصاريف الهاتف والكهرباء والماء والبنزين ، إلا إذا كانت تلك الهواتف ونحوها تخدم دائرة حكومية فإنها تسدّد من تلك الأموال ، ولا شك أن تلك الأموال التي يؤتمن عليها المسلم مملوكة للدولة ، فيحرم عليه أن يخفي شيئا منها أو يحابي بها أحدا ، وبذلك وبأدائها يكون من أهل الأمانة .
والله أعلم