الحمد لله.
أولاً :
الإيمان لايكون صحيحاً إلا إذا كان اعتقاداً جازماً ، فمتى دخله الشك لم يكن إيماناً صحيحاً ، وحكم على صاحبه بالردة والخروج من الإسلام .
قال الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الحجرات/15 .
قال السعدي رحمه الله :
"شَرَطَ تعالى في الإيمان عدم الريب ، وهو الشك ، لأن الإيمان النافع هو الجزم اليقيني ، بما أمر الله بالإيمان به ، الذي لا يعتريه شك ، بوجه من الوجوه" انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 802) .
وروى مسلم (27) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ) .
فمتى شك المسلم في وجود الله خرج بذلك من الإيمان ، وكان كافراً مرتداً .
ثانياً :
ذكرت أنكما لم تكونا تحافظان على الفروض [الصلاة]: فإن كان قصدك بعدم المحافظة على الصلاة : عدم الصلاة مطلقاً ، فهذا كفر وخروج من الإسلام ، وإن كان قصدك : الصلاة أحياناً وتركها أحياناً ، فهذا لا يكون كفراً . وانظر جواب السؤال رقم (89722) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : أفيدكم أنني قد كنت لا أصلي إلا نادراً ، وقد تزوجت في تلك الفترة من حياتي ، وأنا اليوم والحمد لله أصلي ، وقد حججت وتبت إلى الله ، ولكن لا أدري ما حكم عقد النكاح ، هل هو جائز أم لا ، وماذا أفعل إذا كان غير جائز ؟ علماً أن لي من هذه الزوجة 5 أطفال .
فأجابوا : "إن كانت الزوجة حين العقد مثلك لا تصلي أو تصلي تارة وتترك أخرى فالنكاح صحيح ، ولا يلزم تجديده ؛ لكونكما مستويين في الحكم المتعلق بترك الصلاة وهو : الكفر.
أما إن كانت المرأة حين عقد الزواج محافظة على الصلاة ، فالواجب تجديد العقد في أصح قولي العلماء ، إذا كان كل واحد منكما يرغب في الآخر ، مع لزوم التوبة من ترك الصلاة والاستقامة عليها .
أما الأولاد الذين ولدوا قبل تجديد العقد فهم شرعيون ، لاحقون بآبائهم من أجل شبهة النكاح . ونسأل الله لكما الصلاح والتوفيق لكل خير" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/290) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : "أما إذا كانا لا يصليان جميعاً حين العقد ثم هداهما الله واستقاما على الصلاة ، فإن النكاح صحيح ، كما لو أسلم غيرهما من الكفار ، فإن نكاحهما لا يجدد إذا لم يكن هناك مانع شرعي من بقاء النكاح ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الكفار الذين أسلموا في عام الفتح وغيره بتجديد أنكحتهم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/291) .
ثالثاً :
أما صحة النكاح ففي ذلك تفصيل ، ونحن نذكر لك هذا التفصيل لتعلم منه الحكم ، فإن أشكل عليك شيء ، فأعد إرسال السؤال مرة أخرى ، محدداً الحالة التي تسأل عنها .
إذا تم عقد النكاح وأحد الزوجين مسلمٌ والآخر مرتدٌ ، فعقد النكاح بينهما باطل ، ووجوده كعدمه ، لأن المسلم لا يجوز له أن يتزوج مرتدة ، وكذلك المسلمة لا يجوز لها أن تتزوج كافراً أو مرتداً ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/10 .
قال ابن قدامة في "المغني" (7/101) :
"وَالْمُرْتَدَّةُ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَتْ" انتهى .
أما إذا تم عقد النكاح بين الزوجين وهما كافران أو مرتدان فنكاحهما صحيح ، فإن أسلما فهما على نكاحهما السابق ، ولا حاجة إلى إعادته .
فإن أسلم أحد الزوجين الكافرين أو ارتد أحد الزوجين المسلمين بعد العقد ، واختار الآخر انتظاره لعله يرجع إلى الإسلام فلا حرج في ذلك ، ومتى رجع إلى الإسلام فهما على نكاحهما السابق ، وتحرم المعاشرة بينهما حتى يرجع المرتد منهما إلى الإسلام .
فإن لم يرجع انفسخ النكاح بينهما .
وانظر جواب السؤال رقم (21690) ، (89722) .
رابعاً :
إذا كان العقد الذي بينكما باطلاً ، حسب التفصيل السابق فلابد من إعادته بعد رجوع الزوجة إلى الإسلام ، وحينئذ لابد من إخبار والدها بذلك لأنه لا يمكن أن يصح العقد إلا بموافقته ، لأنه وليها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيّ) رواه الترمذي (1101) وصححه الألباني في "سنن الترمذي" .
والذي ننصحك به هو مناقشة الزوجة ومعرفة سبب تطرق الشك إلى قلبها ومحاولة علاج ذلك ، وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم (26745) الأدلة على وجود الله تعالى .
فإن استجابت فالحمد لله ، وإن لم تستجب فلابد من إخبار أبيها بذلك ، لأن له ولاية عليها ، وله من التأثير عليها ما ليس لغيره ، لا سيما وقد ذكرت أنه متدين للغاية ، ومثل هذا لا يمكن أن تخفي عنه ارتداد ابنته وخروجها من الإسلام .
ولكن لابد من التفاهم معها بهدوء ولين حتى يكون ذلك أدعى لقبولها ورجوعها إلى الحق .
ونسأل الله تعالى لكما الهداية والتوفيق .
والله أعلم