الحمد لله.
أولاً :
إذا كانت الـ 2000 ريال سيأخذها موظف البنك فعلاً ، فهذا قد يكون مباحا لكونه في مقابل ما بذله من جاهه ، وقد يكون محرما لكونه رشوة ، أو مأخوذا بالتزوير والكذب ، والمسألة تدور بين الاحتمالات التالية :
1- إن كان موظف البنك يعتمد على جاهه ومنزلته ، فيشفع عند المسؤولين ، ثم يأخذ مقابلاً على ذلك ، فهذا ما يعرف عند الفقهاء بثمن الجاه ، وهو محل خلاف بينهم ، فذهب بعضهم إلى جوازه ، كما يفهم من كلام الشافعية والحنابلة ، وذهب آخرون إلى منعه أو كراهته أو التفصيل في حكمه ، وهي أقوال في مذهب المالكية .
قال في "مغني المحتاج" (شافعي) (3/35) : " قال الماوردي : ولو قال لغيره : اقترض لي مائة ولك علي عشرة فهو جعالة " انتهى . يعني : يجوز ذلك ، والجعالة تشبه الأجرة ، غير أنها تخالفها في بعض الأحكام .
وقال في "الروض المربع" (حنبلي) في باب القرض : " وإذا قال : اقترض لي مائة ، ولك عشرة صح ؛ لأنها في مقابلة ما بذله من جاهه " انتهى .
وقال في "الإنصاف" (حنبلي) (5/134) : " لو جعل له جُعْلاً على اقتراضه له لجاهه : صح . لأنه في مقابلة ما بذله من جاهه فقط " انتهى .
فإذا كان الموظف قد سهّل القرض لزميلك بهذا الطريق ، فالذي يظهر أنه لا حرج عليه ، كما أنه لا حرج عليك في أخذ الـ 500 ريال التي أعطيت لك .
2- وإن كان من عمل الموظف أن يقدم القرض لمن تنطبق عليه شروطه فأبى أن يقدمه إلا بأخذ مبلغ له ، فهذه رشوة محرمة .
3- وإن كان يتوصل إلى إقراض زميلك عن طريق الكذب أو التزوير فعمله محرم ، والمال الذي يأخذه لذلك محرم ، ولا يجوز التوسط بينهما في هذه الحالة .
ثانياً :
أما إذا كانت هذه الـ 2000 ستأخذها أنت ، وكذبت على صاحبك في إخباره بأنها لموظف البنك ، فهذا كذب محرم ، وهذا المبلغ لا يحل لك أخذه ، والظاهر أن صاحبك لو علم أنها لك لم يعطك بعد ذلك 500 ريال ، فكان الواجب عليك إخباره بحقيقة الأمر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7662) .
فعليك أن تصحح خطأك وتتوب من هذا الذنب وأكل المال الحرام ، فتعيد هذه الـ 2000 إلى صاحبك ، ولا حرج عليك أن تُعَرِّض له في الكلام ، ولا تصرح له بأنك كذبت عليه ، بل تقول له : إن موظف البنك لم يأخذها – مثلاً - ، فإن أعطاك إياها أو شيئاً منها فلا حرج عليك من قبوله .
ثالثاً :
يشترط في هذا القرض أن يكون قرضا حسنا لا تترتب عليه فائدة ولا غرامة تأخير ، وإلا كان قرضاً ربوياً لا يحل أخذه ، ولا يحل التوسط في الحصول عليه ، لا لك ولا لموظف البنك ؛ لما فيه من الإعانة على كبيرة الربا التي لعن فاعلها .
والله أعلم .