حدث أن أصبت بمرض ونذرت إن شفيت منه أن أصوم خمسة عشر يوماً لله عز وجل ولم أحدد في أي وقت، وقد شفيت والحمد لله وبدأت الصيام في شهر رجب، وصمت خمسة أيام وتعبت، ثم صمت خمسة أيام في شعبان وتعبت، ثم جاء رمضان، فصمته، ونحن الآن في شهر شوال. فهل الأولى أن أصوم الست من شوال أو أصوم الخمسة الأيام المتبقية من النذر؟ أفيدوني بارك الله فيكم.
الحمد لله.
"عليك أولاً أن تصومي بقية النذر، ثم تصومي الستة من شوال إذا تمكنت من ذلك، وإن تركتيها فلا بأس، لأن الصوم للستة من شوال مستحب وليس بواجب. أما صوم النذر فهو واجب فريضة فالواجب عليك أن تبدئي بالفريضة قبل النافلة، وإذا كنت قد نويت التتابع ؛ أنك تصومين خمسة عشر يوماً متتابعة فلابد أن تصوميها متتابعة، ولا يجوز تفريقها بل عليك أن تصوميها متتابعة، والصوم السابق يلغى.
أما إذا نويت صيامها غير متتابعة فقد وجب عليك الباقي وهي خمسة أيام تصومينهن إن شاء الله وانتهى الأمر.
ولا ينبغي أن تنذري بعد ذلك، فالنذر لا ينبغي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا تَنْذِرُوا، فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا مِنْ الْقَدَرِ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ.
فلا ينبغي النذر لا للمريض ولا غير المريض، ولكن متى نذر الإنسان طاعة لله وجب عليه الوفاء كالصوم والصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ رواه البخاري في الصحيح.
فإذا نذر الإنسان صوم أيام معدودة، أو صلاة ركعتين، أو صدقة بكذا من المال لزمه أن يوفي بما نذر من الطاعات ؛ لأن الله مدح المؤمنين فقال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا الإنسان/7.
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالوفاء كما في الحديث السابق، فالنذر ليس هو سبباً للبرء، وليس سببا لحصول الحاجة المطلوبة، فلا حاجة إليه، ولكنه شيء يكلف الإنسان به نفسه، ويستخرج به من البخيل، ثم بعد ذلك يندم ويقع في الحرج ويود أنه لم ينذر، فالشريعة بحمد الله جاءت بما هو أرفق وأنفع للناس وهو النهي عن النذر" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (3/1261)