الحمد لله.
فضل الله تعالى بني آدم على الحيوانات ، وعلى كثير ممن خلق سبحانه وتعالى ، كما قال جل وعلا : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) سورة الإسراء/70 .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية : أي : "لقد شرفنا ذرية آدم على جميع المخلوقات ، بالعقل ، والعلم ، والنطق ، وتسخير ما في الكون لهم ، وفضلناهم على من خلقنا من سائر الحيوانات ، وأصناف المخلوقات من الجن ، والبهائم والوحش والطير..." انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" (1/263) : "فسبحان من ألبسه خلع الكرامة كلها من العقل والعلم والبيان والنطق والشكل والصورة الحسنة والهيئة الشريفة والقد [أي : القوام] المعتدل واكتساب العلوم بالاستدلال والفكر واقتناص الأخلاق الشريفة الفاضلة من البر والطاعة والانقياد..." انتهى .
وهذا يدلك على أن الحيوانات مخلوقات ناقصة في أصلها لم يتم الله عليها النعمة كما أتمها على بني آدم ، فجنس البشر أنعم الله عليهم بالعقل والنطق والفهم ...وغير ذلك من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ، ولم يودعها بعض مخلوقاته من الحيوانات.
وعليه ؛ فلا يشرع هذا الذكر عند رؤية الحيوانات المريضة...؛ لأننا لو قلنا بهذا للزم منه أننا متى ما رأينا حيواناً ، ولو لم يكن مريضاً ، أن نقول هذا الذكر؛ لأن الله فضلنا عليه .
ولأنه لم ينقل شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه .
ويدل لهذا لفظ الحديث المشار إليه : ( مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلاءٍ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ ) رواه الترمذي (3431) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وشروح العلماء للحديث يستفاد منها أنهم لم يجعلوا الحديث شاملا للمبتلى من الحيوان ، فإنهم ذكروا أن "البلاء" في الحديث يشمل البلاء البدني كالمرض ، والبلاء الديني ، وهو نقص الدين بسبب فعل معصية أو بدعة ، وهذا لا يشمل الحيوان قطعاً .
ولهذا استحب العلماء أن يقال هذا الذكر إذا رأى عاصياً أو فاسقاً أو ظالماً .
وانظر : "تحفة الأحوذي" ، "فيض القدير" (6/130) .
والحاصل : أن هذا الدعاء لا يقال إذا رأى حيواناً مريضاً ، بل إذا رأى إنساناً مبتلى بمرض أو نقص في البدن أو الدين .
والله أعلم