الحمد لله.
أولاً :
صلاة الجماعة واجبة على الرجل المكلف المستطيع في المسجد إذا كان يسمع النداء ، ويدل على وجوبها أدلة كثيرة منها ما رواه مسلم (653) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : (أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه ِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ ، فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَأَجِبْ) . وينظر جواب السؤال رقم (120) .
والمقصود بسماع النداء : أن يسمع الإنسان الأذان بالصوت المعتاد من غير مكبرٍ للصوت ، مع رفع المؤذن صوته ، وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (4/353) : "الاعتبار في سماع النداء : أن يقف المؤذن في طرف البلد والأصوات هادئة والريح ساكنة ، وهو مستمع فإذا سمع لزمه ، وإن لم يسمع لم يلزمه" انتهى .
وعليه ؛ فإن كنت ممن لا يسمع النداء لبعد المسافة ، فأنت معذور في عدم حضورك لصلاة الجماعة ، ولا إثم عليك ، وحينئذ فإنك تزور أقاربك وتقيم عندهم ، وتصلي جماعة في البيت ، وأنت معذور في هذا ؛ ولا يجوز قطع صلتهم بسبب بعدهم عن المسجد .
ثم ليعلم السائل أنه متى ما صلى في بيته .. وهو معذور بالتخلف عن الجماعة ، أن له أجر صلاة الجماعة كما لو صلى في المسجد ؛ لحديث عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) رواه البخاري (1) ومسلم (1907) ، ولحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (... إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَاماً مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ : وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ) رواه البخاري (4423) .
والله أعلم