أنا أعمل بحقل الطيران ( طيار) ، ورحلتي بالأمس أخذتني إلي مدينة جده بالمملكة العربيه السعوديه ، وخلال توقفي الذي لا يزيد عن الساعة سألت الموظف الأرضي : هل يوجد عنده ماء زمزم ؟ فقال : نعم . فسألته : من أين أتيت به ؟ فقال : إنه يوجد في المطار الكثير من ماء زمزم ، لأسباب كثيره ، منها : أن ماء زمزم ربما تخلف صاحبه عن شحنه ، أو أن هذا الماء عندما أراد شحنه انقطع الإيصال الذي يدل علي صاحبه ، أو أن الرحله ألغيت ... وهكذا ، لا تستطيع أن تجزم لأي سبب تم إبقاؤه في المطار . فبعد ذلك يتم إبقاء هذه المياه في المطار ، وإن لم تصرف لأي أحد ستتلف هذه المياه ؛ فهل أستطيع أن آخذ منها في رحلتي القادمه ؟؟ جزاك الله خيرا.
الحمد لله.
الماء الذي ينساه الراكب ، أو يتركه ، في المطار : إما أن يكون مع متاع آخر يخص صاحب ذلك الماء ، ويكون قد سجل باسمه ، ودخل في عهدة شركة الطيران ، ففي هذه الحال : ينتظر عودة صاحب المتاع لأخذ متاعه ، ومعه الماء ؛ فإن علم أن صاحبه لن يعود ، أو أيس من عودته ، أو كان الماء معرضا للتلف والفساد : فإنه يباع ، ويجعل ثمنه صدقة لصاحب ذلك المتاع .
وإنما يلزم الشركة المسؤولة أن تحفظ أمتعة الركاب المدة المنصوص عليها في العقد مع المسافر .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " مغسلة ملابس فيها ملابس مضى عليها أكثر من شهرين ولا يعرف أصحابها ، مع أنه من ضمن الشروط في الفاتورة أن المغسلة غير مسئولة عن الملابس التي يتركها أصحابها أكثر من شهرين ، هل لصاحب المغسلة أخذها ، إما للاستعمال أو البيع أو التصدق بها ؟ وإذا أخذها ثم طالب بها صاحبها بعد أن تصرف بها : فهل يلزم رد ثمنها أم لا ؟
فأجاب :
إذا كان مشروطاً على صاحب الثياب أنه إذا تأخر لمدة شهرين فلا حق له : فهو الذي تأخر، وإذا تمت الشهران : إما أن يتصدق بها صاحب المغسلة إن وجد من يقبلها ويلبسها ، أو يبيعها ويتصدق بثمنها ، لكن أرى أن ينتظر بعد الشهرين عشرة أيام أو خمسة عشر يوماً؛ لأنه ربما يكون صاحبها قد أقبل ، ولكن تعطلت سيارته أو حصل له مرض ؛ فالأفضل أن ينتظر " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (215 / 11).
وقال أيضا : " إذا كان بينهما أجلٌ معين : فمتى انتهى الأجل فهو في حل أن يتصدق بها أو يبيعها ويتصدق بثمنها.
وأما إذا لم يكن بينهما أجل معين ؛ فلا يجوز أن يبيعها بعد شهر أو شهرين ، بل لا يبيعها ولا يتصرف فيها إلا حيث أيس من صاحبها ، فإذا أيس فهو في حل ؛ لأنه لا يمكن أن يشغل مكانه بهذه الثياب أو هذه الفرش إلى ما لا نهاية له ". "لقاء الباب المفتوح" (215 / 19) .
وإما إذا لم يكن الماء تابعا لمتاع آخر ( عفش ) لبعض المسافرين ، وكان موعد الرحلة قد فات ، أو لم يسجل عليه أية بيانات ، وقد بقي في المطار مدة يغلب على الظن أن صاحبه قد سافر وتركه ، أو فاتت رحلته : فمن غير المعقول أن يعود إلى المطار لطلب الماء أو البحث عنه ، وحينئذ : فلا بأس بالانتفاع به للطيارين أو غيرهم من العاملين ، لأن حكمه في هذه الحال : حكم اللقطة الحقيرة ، أو المتاع الذي يتركه صاحبه رغبة عنه : أن من وجدها حل له الانتفاع بها .
ولو بذلته السلطة لمن أراده : أن ينتفع به ، سواء كان من العاملين أو المسافرين : فهو أمر حسن ، إن شاء الله .
والله أعلم .