أكلة معينة تعد عند الولادة تأكل منها النفساء ومن يأتي لزيارتها وهي عادة عندنا وليس لها أي معتقد معين , فما حكمها؟ هل هي بدعة وكيف نفرق بين العادات الجائزة والبدعة؟
الحمد لله.
الفرق بين العادات الجائزة والبدعة : أن البدعة يقصد بها التقرب إلى الله تعالى ، أما العادات فلا يقصد بها ذلك .
والأصل في العادات التي يتعارف عليها الناس أنها مباحة ، ولا يجوز تحريم شيء منها إلا بدليل صحيح يدل على ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الفرق بين العادة والعبادة : أن العبادة ما أمر الله به ورسوله تقرباً إلى الله ، وابتغاءً لثوابه ، وأما العادة فهي ما اعتاده الناس فيما بينهم من المطاعم والمشارب والمساكن والملابس والمراكب والمعاملات وما أشبهها .
وهناك فرق آخر : وهو أن العبادات الأصل فيها المنع والتحريم حتى يقوم دليل على أنها من العبادات ، لقول الله تعالى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله) الشورى/21 ، أما العادات فالأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على منعه .
وعلى هذا ، فإذا اعتاد الناس شيئاً وقال لهم بعض الناس : هذا حرام ، فإنه يطالب بالدليل ، يقال : أين الدليل على أنه حرام ؟ وأما العبادات فإذا قيل للإنسان : هذه العبادة بدعة ، فقال : ليست ببدعة ، قلنا له : أين الدليل على أنها ليست ببدعة ، لأن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل على أنها مشروعة " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (72 / 2) .
وقال أيضاً :
" البدعة شرعًا ضابطها : " التعبد لله بما لم يشرعه الله" ، وإن شئت فقل : " التعبد لله تعالى بما ليس عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا خلفاؤه الراشدون" . فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله ، أو بشيء لم يكن عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه .
أما الأمور العادية التي تتبع العادة والعرف فهذه لا تسمى بدعة في الدين وإن كانت تسمى بدعة في اللغة ، ولكن ليست بدعة في الدين وليست هي التي حذر منها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (2 / 292) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان : عبادات يصلح بها دينهم ، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم ، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع . وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه ، والأصل فيه عدم الحظر ، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (29 / 16-17) .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
"هناك فرق بين العبادات ، والعادات ، فالعادات : مباحة ، فمباح للإنسان أن يبني كيف يشاء ، وأن يلبس كيف يشاء ، وأن يركب ، وأن يصنع من الصناعات والحرف ما يشاء ، ولا تسمى هذه بدعًا ، فليس هناك بدعة دنيوية ، والبدع الدينية : كلها سيئة ، وليس فيها بدعة حسنة ، وليس هناك ما يسمى بالبدعة الجائزة ، أو البدعة المباحة ، بل كل ما أضيف إلى الشرع مما ليس منه فإنه لا يجوز " انتهى من محاضرات مفرغة من دروس الشيخ ابن جبرين
فالأصل في العادات : الإباحة حتى يوجد سبب لمنعها ، كأن تشتمل العادة على محظور ، من نحو إسراف أو تبذير أو مباهاة ، فإن لم تشتمل على شيء من ذلك فهي جائزة .
فعلى ما تقدم بيانه : إن كان هذا الطعام الذي يعد للنفساء ولمن يأتي لزيارتها لا يحتوي على شيء مما حرمه الله ، ولم يعد بإسراف أو تبذير ولا لمباهاة ونحو ذلك ، فهو جائز ولا حرج فيه .