الحمد لله.
أولا :
ذكرت أن زملاءك الذين يريدون أن تذهب معهم في رحلة الصيد غير ملتزمين :
فإن كانت مصاحبتهم ستعود عليك وعليهم بالنفع والفائدة والمصلحة ، كأن تأمرهم بالصلاة وتحثهم على صنائع المعروف ، وتنهاهم عن المنكر فلا بأس بمصاحبتهم ، وإن كنت تخشى من مصاحبتهم ما يُخشى من مصاحبة غير المستقيمين من الانحراف وعدم تقوى الله فنرى لك عدم مصاحبتهم ؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا ، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ) رواه الترمذي (2395) حسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) رواه أبو داود (4833) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره .
قال في عون المعبود :
"أَيْ : يَتَأَمَّل وَيَتَدَبَّر مَنْ يُخَالِلْ : فَمَنْ رَضِيَ دِينه وَخُلُقه خَالَلَهُ ، وَمَنْ لَا تَجَنَّبَهُ فَإِنَّ الطِّبَاع سَرَّاقَة" انتهى .
ثانيا :
إذا كانت المسافة التي تقطعونها – برا أو بحرا – هي مسافة القصر ، فأنتم مسافرون ، تسقط عنكم الجمعة ، ويستحب لكم أن تقصروا الصلاة ، ولكم أن تجمعوا بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، تقديما أو تأخيرا ، بحسب الأيسر لكم .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"إذا سافر المسلم مسافة 80 كيلو مترا تقريبا أو أكثر ، للنزهة أو للصيد أو لغير ذلك من الأسباب المباحة شرع له القصر ، فيصلي الأربع اثنتين ، ويجوز له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير ، على حسب ما يراه أرفق به .
وإذا كان نازلا مستريحا فترك الجمع أفضل ، فيصلي كل صلاة في وقتها قصرا" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (30/182) .
وإن كنتم في أقل من مسافة القصر ، وكنتم تسمعون النداء للصلاة ، فصلاة الجمعة والجماعة مع جماعة المسلمين واجبة عليكم .
والاعتبار في سماع النداء : أن يكون بصوت المؤذن بدون مكبر للصوت ، والأصوات هادئة ، والريح ساكنة .
وقد قدَّر العلماء هذه المسافة بنحو 5 كيلو متر تقريباً .
راجع : "المجموع" (4/353) ، "المغني" (2/106) .
وانظر جواب السؤال رقم (20655) ، (39054) .
وإن كنتم لا تسمعون النداء للصلاة ، فقد سقطت عنكم صلاة الجمعة والجماعة في المسجد مع المسلمين ، وتجب عليكم الصلاة حيث كنتم ، جماعة .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
بعض المسلمين يخرجون أيام العطل خارج مدينة الرياض للنزهة غير ناوين السفر , ويأخذون معهم القليل من الماء وعند الصلاة يتيممون بدلا من الماء بحجة قلة الماء ؟
فأجاب : " إذا خرجوا للنزهة وحضرت الصلاة وليس عندهم إلا ماء قليل بقدر حاجتهم والماء بعيد عنهم , صلوا بالتيمم , لكن إذا حملوه معهم يكون أفضل إذا تيسر ذلك ...
أما صلاة الجمعة فلا تجب عليهم إذا كانوا بعيدين عن البلد لا يسمعون الأذان , فرسخا أو أكثر " انتهى ملخصا .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/202) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
شباب خرجوا في رحلة إلى منطقة بعيدة ونزلوا في مكان بعيد من البلد لكنهم ما زالوا يسمعون الأذان بسبب وجود المكبرات ، فهل تلزمهم الجمعة والجماعة مع أهل ذلك البلد ؟
فأجاب :
"لا تلزمهم ، يعني : إذا بعدوا عن البلد بحيث لا يسمعون صوت المؤذنين ولولا وجود مكبر الصوت فلا تلزمهم ، وأما إذا كانوا قريبين من البلد بحيث لو كان المؤذنون يؤذنون بغير مكبر لسمعوه فإنه يلزمهم" انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (149/27) .
والذي ننصحكم به : عدم الخروج للتنزه أو الصيد يوم الجمعة ، إن كانت تفوتكم صلاة الجمعة ، أما إن كانت لا تفوتكم : فلا بأس بخروجكم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"السفر يوم الجمعة إن كان بعد أذان الجمعة الثاني فإنه لا يجوز ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) الجمعة/9 .
فلا يجوز للإنسان أن يسافر في هذا الوقت ؛ لأن الله قال : (فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) الجمعة/9 .
وإذا كان السفر قبل ذلك : فإن كان سيصلي الجمعة في طريقه مثل أن يسافر من بلده وهو يعلم أنه سيمر على بلد آخر في طريقه ويعرج عليه ويصلي الجمعة فيه ، فهذا لا بأس به ، وإن كان لا يأتي بها في طريقه ، فمن العلماء من كرهه ، ومن العلماء من حرمه ، ومن العلماء من أباحه ، وقال : إن الله تعالى لم يوجب علينا الحضور إلا بعد الأذان .
والأحسن ألا يسافر إلا إذا كان يخشى من فوات رفقته أو مثل أن يكون موعد الطائرة في وقتٍ لا يسمح له بالحضور أو ما أشبه ذلك ، وإلا فالأفضل أن يبقى" انتهى .
"لقاءات الباب المفتوح" (3/104) .
وقد اختار علماء اللجنة الدائمة للإفتاء تحريم السفر يوم الجمعة إذا كان يترتب عليه تضييع صلاة الجمعة ، فقد سئلوا : ما حكم خروج بعض الناس إلى البر أو البحر يوم الجمعة ، بدعوى أنهم لا يتوافر لهم وقت للرحلة إلا يوم الجمعة ؟
فأجابوا :
"إذا تيسر لهم صلاة الجمعة في رحلتهم وحضروا صلاة الجمعة وأدوها فلا حرج عليهم ، وإذا ترتب على رحلتهم فوات صلاة الجمعة بالنسبة لهم فلا تجوز الرحلة لما يلزمها من تضييع الفريضة" انتهى .
"فتاوى إسلامية" (1/673) .
ثالثا :
أما كيفية الصلاة وأنتم في عرض البحر : فتصلون في البحر كما تصلون في البر إلا إذا خشيتم الغرق ، فتصلون بحسب حالكم ، كيف تيسر لكم .
وقد روى الحاكم (1019) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة ؟ فقال : كيف أصلي في السفينة ؟ فقال : (صل فيها قائما إلا أن تخاف الغرق) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (3777) .