الحمد لله.
حيث إن هذا التخزين لملفات الشركات مما تعان به الشركات على أعمالها ؛ لأن هذه الملفات – لا شك – تحتوي على كافة مصالحها من تعاقدات وحسابات ومستندات وغير ذلك مما لا تتم مصالحها إلا به .
وحيث إن من بين هذه الشركات شركات تأمين ، وبنوك ربوية ، فقيامك بعملك في تخزين الملفات يعد تعاونا مع شركات التأمين والبنوك الربوية على عملها المحرم ، وقد قال الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .
والواجب على المسلم أن يترك معصية الله تعالى ، وألا يعين العاصي على معصيته ، وقد ذكرت أنك لا تعرف من العملاء إلا القليل .
وعلى هذا ، فلا يمكنك ترك العمل المحرم (وهو مساعدة شركات التأمين والبنوك الربوية) إلا بترك هذا العمل ، لأنه اختلط فيه الحلال بالحرام ، وأنت على يقين أنك تقع في الحرام .
ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
ونسوق إليك بعض فتاوى أهل العلم فيما يخص مسألتك ؛ ليتبين لك أن أدنى تعاون مع هذه الهيئات الربوية هو من التعاون على الإثم والعدوان ، وهو مما حرمه الله تعالى على عباده المؤمنين .
فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : عن شخص يعمل حارساً في أحد البنوك .
فأجابت : "البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز للمسلم أن يكون حارسا لها ؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد نهى الله عنه بقوله : (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وأغلب أحوال البنوك التعامل بالربا" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/43) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء أيضا :
أعمل بوظيفة طابع آلة كاتبة ، ويطلب مني في بعض الأحيان كتابة خطابات إلى بعض البنوك لتنفيذ بعض الأعمال المصرفية ، مضمونها : أن الشركة تقرض البنك (أو تقترض منه) مبلغا بعمولة قدرها كذا بالمائة من قيمة القرض ، فأرجو من سماحتكم إفادتي عن مدى شرعية عملي هذا بالنسبة لتحرير تلك الخطابات ؟
فأجابت : "عملك كاتبا للمعاملات الربوية محرم ، والمال الذي تأخذه مقابل ذلك سحت ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه) فالواجب عليك ترك هذا العمل ، وفي الحلال غنية عن الحرام ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/60) .
وسئلت اللجنة :
أنا موظف أعمل في شركة أرامكو ، في قسم تملك البيوت ، هذا القسم يعطي قروضا لبناء مساكن للموظفين ، هذه القروض ربوية بنص فتوى منكم ، عملي في هذا القسم في وحدة توزيع الأراضي ، ولا علاقة لي بما يخص توقيع القروض أو الشهادة وما شابهها ، فهل علي إثم من خلال عملي في هذا القسم الذي يمنح قروضا ربوية ؟
فأجابت :
"إذا كان الواقع كما ذكر من عملك في توزيع الأراضي لا في القروض الربوية ، فليس في عملك مباشرة للربا ، ولكن فيه تعاون مع من يتعاملون بالربا ويباشرونه ، وهذا لا يجوز ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/17-18) .
وورد إلى اللجنة هذا السؤال :
أعمل محاسبا في جريدة ، والجريدة تنشر يوميا صفحة عن أخبار الممثلين والممثلات والمطربين والمطربات ، فهل في راتبي شيء؟
فأجابت :
"الغالب في أخبار الممثلين والممثلات في فنهم وفي الحديث عن المطربين والمطربات في طربهم الشر والانحراف عن الجادة ، وفي ذلك ترويج لفنون اللهو ، وإشاعة للفتن والمغريات بالفواحش ، ونشر للشر والفساد ، وأمثال ذلك مما يدنس الهيئة ، ويذهب بالكرامة والقيم الأخلاقية ، ولا شك أن العمل في مثل هذا الميدان لا يجوز ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان ، وعلى هذا لا يجوز اتخاذه طريقا للكسب ، وطرق الرزق كثيرة ، فليتق العبد ربه ، قال الله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال سبحانه : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15 / 52-53) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
"التعامل بالربا محرم على الشركات وعلى البنوك وعلى الأفراد . ولا يجوز للمسلم أن يتوظف في المحلات التي تتعامل بالربا ، ولو كان تعاملها به قليلاً ، لأن الموظف عند هذه المؤسسات والمحلات الربوية يكون متعاونًا معهم على الإثم والعدوان - والمتعاون مع المرابين تشمله اللعنة لقوله صلى الله عليه وسلم : (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه)" انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (68/8) .
والله أعلم
ولمزيد الفائدة راجع إجابة السؤال رقم : (82886) .