الحمد لله.
أولاً :
يشرع للمسلم أن يسأل ربه كل ما أهمه من أمر دينه ودنياه ، في صلاته وفي غير صلاته ؛ فإن الدعاء عبادة ، والله يحب من عبده أن يعبده ويدعوه ، وقد قال الله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر/60 .
وجاء في "المدونة" (1/192) :
"قَالَ مَالِكٌ : وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُلُ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ ، حَوَائِجِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ ، فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَالسُّجُودِ" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"أطلق النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء ولم يقيده بشيء معين فيجوز أن تدعو بأمر يتعلق بالآخرة أو بأمر يتعلق بالدنيا ، حتى لو دعوت الله في سجودك أن ييسر لك بيتا واسعا نظيفا أو سيارة مريحة وما أشبه ذلك فلا بأس به ؛ لأن الدعاء عبادة لله عز وجل سواء دعوت في شيء من أمور الدنيا أو في شيء من أمور الآخرة ؛ فإن مجرد دعائك الله عز وجل عبادة تقربك إلى الله سبحانه وتعالى " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (5/ 163) .
ثانياً :
لا يجوز للمسلم أن يعتدي في دعائه ، قال الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين) .
وروى أبو داود (96) وابن ماجة (3864) عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّل رضي الله عنه أَنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ) وصححه الألباني في "سنن ابن ماجه" .
ومن الاعتداء في الدعاء : سؤال الله ما لا يجوز من الحاجات ، كالإضرار بالمسلم وظلمه .
ودعاؤك أن يترك هذا الشخص الفتاة التي تقدم لها ليتزوجك أنت فيه اعتداء على أختك ، وظلم لها .
ومما يدل على أن ذلك ظلم لها : أنك لو كنت مكانها لن ترضي من أحد أن يدعو عليك بمثل هذا الدعاء ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) رواه البخاري (13) ومسلم (45) .
وقد روى البخاري (6601) ومسلم (1408) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا تَسْأَلْ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا وَلْتَنْكِحْ فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا).
قال النووي رحمه الله :
"مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث : نَهْي الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة أَنْ تَسْأَل الزَّوْج طَلَاق زَوْجَته , وَأَنْ يَنْكِحهَا وَيَصِير لَهَا مِنْ نَفَقَته وَمَعْرُوفه وَمُعَاشَرَته وَنَحْوهَا مَا كَانَ لَلْمُطَلَّقَة" انتهى .
ومعنى قوله : (ولتنكح) أي : لتتزوج هذا الرجل ولا تطلب منه طلاق زوجته ، أو تتزوج بغيره ممن تيسر لها ، ولا تتعلق بهذا الرجل .
فالنصيحة لك أن تعرضي عن التفكير في هذا الشخص حتى لا يجرك ذلك إلى الوقوع في شيء محرم ، واسألي الله تعالى أن ييسر لك زوجاً صالحاً ، فإنك لا تدرين هل هذا الشخص إن تزوجك سيكون مناسباً وصالحاً لك أم لا؟
وعليك أن ترضي بما قدره الله لك ، فإن الإنسان لا يدري أين الخير له ؟ قال الله تعالى : (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/ 216 .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ويوفقك إلى ما يحب ويرضى .
والله أعلم