ما حكم أكل لحم الثعابين لغرض لعلاج ؟
الحمد لله.
أولا :
جمهور أهل العلم على عدم جواز أكل لحوم الأفاعي والثعابين .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/16-17) :
" مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي حَشَرَاتِ الْأَرْضِ كَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَالْجِعْلَانِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَالْفَأْرَةِ وَنَحْوِهَا : مَذْهَبُنَا أَنَّهَا حَرَامٌ , وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد , وَقَالَ مَالِكٌ : حلاَل " انتهى .
والصواب قول الجمهور ، وذلك لأمور :
أولاً : أن الثعبان مما يفترس بنابه ، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع . متفق عليه .
ثانياً : أن الثعبان مما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله ، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : ( اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ ... )
متفق عليه .
ثالثا : أنها مستخبثة ، وقد قال الله تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) الأعراف/157
قال علماء اللجنة الدائمة :
" لا يجوز أكل الفيران والثعابين والحنش السام والقردة ؛ لأن جنسها مما يفترس بنابه ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع ، ولأنها مستخبثة ، وقد قال تعالى في بيان صفة النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ )
انتهى . "فتاوى اللجنة الدائمة" (22 / 292) .
ثانيا :
نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالحرام ، فيما روى أبو داود (3874) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً ، فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ ) .
صححه الألباني في "صحيح الجامع" (1762) .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي السَّكَرِ : " إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ " ذكره البخاري تعليقا (5/2129)
وروى مسلم (1984) عن وائل بن حجر رضي الله عنه أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ ؟ فَنَهَاهُ أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ فَقَالَ : ( إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
فيه رجل يستعمل الحيات للطب ، ويزعم أن ذلك مباح للظروف والضرورة ، وطريقة استعماله في الحية : يمسكها ويضعها في قدر سمن وهي لم تمت ، والقدر يغلي على النار ، وبعد ذلك يعالج بالسمن الذي طبخ فيه الحية ، والذي يستعمله يسكر سكرا خفيفا ، هل يجوز التداوي بهذا السمن ، إذا ثبت أنه مفيد للمرض ؟ وهل يجوز وضع الحية بالسمن وهو يغلي على النار ؟
فأجاب علماء اللجنة :
" أولا : لا يجوز وضع الحيوان وهو حي في سائل يغلي ؛ لما في ذلك من تعذيب الحيوان ، وهو منهي عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) .. الحديث .
ثانيا : لا يجوز التداوي بالحيات ولا بالسمن الذي طبخت فيه ؛ لأنها لا يجوز أكلها على الصحيح من قولي العلماء ، وميتتها نجسة ، والتداوي بالمحرم حرام " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (25 / 25-26) .
والخلاصة : أنه لا يجوز أكل لحوم الحيات والثعابين ، لا لأجل التداوي ، ولا لغيره من الأغراض ، وفيما أحله الله تعالى من الأطعمة والأدوية ما يغني عن الحرام .
وينظر : إجابة السؤال رقم : (10951) .
والله تعالى أعلم