الحمد لله.
أولا :
لا تجب في مالٍ زكاة حتى يبلغ النصاب الشرعي ويحول عليه الحول ، ويدخل في ذلك ما يتقاضاه الموظف من راتب شهريا .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إذا حال الحول على شيء من المرتب يبلغ النصاب فعليك زكاته ، وإن كان دون ذلك فلا زكاة فيه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14 / 135)
ثانيا :
تعجيل الزكاة عن حولها المقدر جائز ، وهو قول جمهور العلماء ، والأفضل ألا يعجل زكاته ، إلا إذا اقتضت المصلحة ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وأما تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب : فيجوز عند جمهور العلماء ، كأبي حنيفة، والشافعي ، وأحمد ، فيجوز تعجيل زكاة الماشية ، والنقدين ، وعروض التجارة ، إذا ملك النصاب" انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 25 / 85 ، 86 ) .
ثالثا :
يجوز إخراج الزكاة في صورة أقساط شهرية ، أو نحو ذلك ، إذا كان يخرجها قبل موعدها ، فإذا جاء موعد الحول الذي يجب عليه فيه إخراج الزكاة : لم يجز أن يؤخرها عنه ، ويخرجها على صورة أقساط .
قال ابن قدامة رحمه الله : " قَالَ أَحْمَدُ : لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ . يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ ، مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى
"المغني" (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة في شكل رواتب للأسر الفقيرة في كل شهر؟
فأجاب علماء اللجنة :
" لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنَة ، أو سنتين ، إذا اقتضت المصلحة ذلك ، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" ( 9 / 422 ) .
وبناء على ما سبق :
فإن كان الأيسر لك إخراج الزكاة كل شهر ، خشية أن يصعب إخراجها على رأس حولها : فلك ذلك ، فإذا كان راتبك يبلغ نصابا : جاز لك أن تخرج منه ربع العشر ( 2.5% ) ، وهكذا كل شهر ، وإن لم يكن يبلغ نصابا : انتظرت بما معك من المال ، حتى إذا بلغ النصاب بدأت في إخراجه ، على ما سبق .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما حكم إخراج الزكاة من الراتب عن كل شهر ، رغبة في تعجيلها ، حتى ولو كان موظفاً عليه دين ؟
فأجاب :
" لا حرج بهذا ، جزاه الله خيراً ، هذا من باب التعجيل ، يعني لو كان الإنسان كلما قبض الراتب أخذ زكاته حالاً : فإنه لا بأس بذلك إن شاء .
[ وهناك صورة أخرى لتعجيل زكاة الراتب ] ؛ فإذا دار الحول على الراتب الأول : أدى الزكاة عن الجميع ، فيكون بالنسبة للحول الأول قد أدَّى زكاته في وقتها ، وبالنسبة للأشهر التالية قد عجَّل زكاتها ، وتعجل الزكاة لا بأس به ، وهذا أيسر وأسهل ، أنه يجعل لزكاته شهراً معيناً ، وهو الشهر الذي تجب فيه زكاة الراتب الأول ، ويمشي على هذا ويكون ما وجبت زكاته قد أديت زكاته في وقتها ، وما لم تجب تكون زكاته معجلة .
والصورة الأولى التي ذكرها السائل أيضاً فيها راحة ، كلما قبض شيئاً زكاه على طول " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (204 / 4) .
رابعا :
المبالغ التي دفعتها على شكل صدقة خيرية بين الحين والآخر : إن كنت قد أخرجتها على أنها صدقة تطوع ، وليست من الزكاة المفروضة ، كما هو الظاهر من كلامك ، فلا تحتسب من الزكاة ؛ لأن الزكاة المفروضة لا بد في إخراجها من نية الفرض .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" لَوْ تَصَدَّقَ الْإِنْسَانُ بِجَمِيعِ مَالِهِ تَطَوُّعًا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الزَّكَاةَ , لَمْ يُجْزِئْهُ . وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ . وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ : يُجْزِئُهُ اسْتِحْبَابًا . وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْفَرْضَ , فَلَمْ يُجْزِئْهُ , كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ , وَكَمَا لَوْ صَلَّى مِائَةَ رَكْعَةٍ وَلَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ بِهَا " انتهى .
"المغني" (2/265) .
وإن كنت قد أخرجتها على أنها من الزكاة المفروضة عليك : فهي من زكاتك ، بشرط أن تكون قد وضعتها في مصارف الزكاة المعتبرة ، فليس كل عمل من أعمال الخير والبر يصح أن تصرف فيه زكاة المال ؛ بل مصارفها محددة شرعا ، كما أن أنواعها وقدرها محدد شرعا.
للاستزادة : راجع إجابة السؤال رقم : (1966) ، (98528) ، (126075) .
ويمكنك مراجعة أجوبة عديدة حول ذلك في تصنيف "مصارف الزكاة" ، من قسم الزكاة في الموقع .
والله أعلم .