الحمد لله.
أولاً:لا نوافقك على شعورك بالارتياح لموت الناس لما ذكرتَ ؛ وذلك لأسباب :
الأول : أن الموت مصيبة على المتوفَّى ، وعلى أهله أيضاً ، قال الله تعالى : (فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) المائدة/106 .
الثاني : أن حياة المؤمن خير له من مماته ، فبحياته يصلِّي ، ويذكرُ ربَّه ، ويصلُ رحِمَه ، وأما موته : فيقطع عليه أعماله ، وطاعاته .
عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ , وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ انْقَطَعَ عَمَلُهُ ، وَإِنَّهُ لا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلا خَيْرًا) رواه مسلم (2682) .
وعند البخاري (7235) بلفظ : (لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ ، إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ) .
الثالث : يموت كل يوم مئات الآلاف من الناس ، ولا نرى تأثيراً كبيراً لذلك في اتعاظ الناس ، ورجوعهم إلى الله ، اللهم إلا شيئاً يسيراً يكاد يكون محصوراً في بعض أقارب الميت وأصحابه ، وكثيراً ما يكون هذا التأثير مؤقتاً سرعان ما يزول .
ثانياً:
الطريقة السليمة في هذا أن تذكِّر الناس بموتهم هم ، وأن أجلهم إذا جاء فلن يتأخر عنهم لحظة ، وأنهم مقبورون ، ثم مبعوثون ، ثم محشورون ، ثم محاسَبون ، ثم معذَّبون ، أو منعَّمون ، فمثل هذه المواعظ لها تأثير بالغ في حياة الناس ، وهو مشاهد في الواقع .
ولهذه الطريقة السليمة نصوص من الشرع تؤيدها ، ومن ذلك :
1. ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإكثار مِن ذكر الموت ، كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ) – يَعْنِي : الْمَوْتَ - . رواه الترمذي (2307) وحسَّنه ، وابن ماجه (4258) .
هاذم : يعني : قاطع .
2. ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى زيارة القبور ، كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ) رواه مسلم (976) .
وأخيراً ... لا يمتنع أن يكون الفعل الواحد مكروهاً لما يترتب عليه من ألم أو ضرر ، ومحبوباً في الوقت ذاته لما يترتب عليه من مصالح وفوائد .
لكن لا ينبغي إظهار الارتياح لمجرد موت الناس ، فإن هذا التصرف غير مقبول عند الناس ، وقد يدل على عدم اهتمام صاحبه بشأن الموت وعدم تعظيمه له .
ولتعلم أننا وإياك على الدرب سائرون ، وسنلقى المصير نفسه ، فنسأل الله تعالى أن يعيننا على الاستعداد لذلك اليوم .
والله أعلم