أنا امرأة متزوجة منذ سنَة ، وقد اشترط زوجي عليَّ قبل الزواج أن ابنة خالة أمه سوف تقيم معنا ، وهي امرأة كبيرة في السن ، ووافقتُ ، وبعد الزواج اكتشفتُ أن أثاث البيت نصفه يعود لها ، لا أستطيع أن أحرك شيئاً من مكانه ، بالإضافة إلى أنها توجه إليَّ كافة أنواع الشتائم ، تسبني ، وتسب أهلي ، وزوجي لا يرد عليها ، وبعد ذلك قالت لي : إن أبي حرامي ! وإني أنا قليلة أدب ! لأني أوصل زوجي للباب وهو خارج ، فاتصلت على أهلي ، وأخذوني. هل يحق لي أن أطلب منه سكناً مستقلاًّ ؟ وما حكم إقامة هذه المرأة معنا ؟ . وشكراً .
الحمد لله.
أولاً:
أوجب الله تعالى على الزوج توفير إسكان زوجته بمسكن شرعي ، تتوفر فيه المرافق الضرورية لقيام حياتها فيه ، ومن أهم شروط هذا السكن : عدم إسكان أحدٍ من أهله معها .
وانظري تفصيل هذه المسائل في جواب السؤال رقم ( 7653 ) .
ثانياً:
يسقط حق الزوجة في سكن تنفرد به وحدها ، وعدم سكن أحدٍ من أهل زوجها معها : بالشرط ، فإن اشترط عليها سكنى أحدٍ من أهله معها ، ورضيت به : لزمها الشرط ، وسقط حقها في الانفراد ، ووجب عليها الوفاء بالشرط .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الأصل في الشروط : الحل ، والصحة ، سواءً في النكاح ، أو في البيع ، أو في الإجارة ، أو في الرهن ، أو في الوقف ، وحكم الشروط المشروطة في العقود إذا كانت صحيحة : أنه يجب الوفاء بها ، في النكاح ، وغيره ؛ لعموم قوله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/ 1 ، فإن الوفاء بالعقد يتضمن : الوفاء به ، وبما تضمنه من شروط ، وصفات ؛ لأنه كله داخل في العقد .
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 12 / 164 ) .
وعليه :
فالواجب عليكِ – أيتها السائلة – تحقيق الشرط ، والرضى بسكنى ابنة خالة أم زوجك ؛ لأنك رضيتِ بالشرط قبل العقد .
ثالثا :
يسقط اعتبار هذا الشرط ، ولا يلزم الوفاء به في حال :
1. أن يُسقطه المشترط ، وهو زوجك ، فإذا أسقطه : صار كعدمه .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
شروط الشيء موضوعة من قبل الشرع، فلا يمكن لأحد إسقاطها، والشروط في الشيء موضوعة من قبل العبد فيجوز لمن هي له أن يسقطها.
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 5 / 25 ) .
2. أن يتحقق ضرر عليكِ من سكنى من رضيت به ، كقريب له يصير بالغاً ، أو كسيء الأخلاق يطلع على عورتك ، أو كمن يؤذيك بالسب ، والشتم ، والتحقير ، أو يضرك بالضرب ، وغيره .
وبما أن زوجك لم يُسقط شرطه : فليس أمامك إلا الأمر الآخر ، ولكن يحتاج إثباته لبيِّنة ، فإن ثبت : فلك الحق في إخراجها من بيتكم ، أو إخراجك لبيت آخر تنفردين به عنها .
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية"( 25 / 109 ) :
الجمع بين الأبوين والزوجة في مسكن واحد : لا يجوز ( وكذا غيرهما من الأقارب ) ولذلك يكون للزوجة الامتناع عن السكنى مع واحد منهما ؛ لأن الانفراد بمسكن تأمن فيه على نفسها ومالها حقها ، وليس لأحد جبرها على ذلك .
وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة .
وإذا اشترط الزوج على زوجته السكنى مع الأبوين فسكنت ، ثم طلبت الانفراد بمسكن : فليس لها ذلك عند المالكية ، إلا إذا أثبتت الضرر من السكن مع الوالدين .
انتهى
وهذا الذي سبق إنما هو بيان لأصل المسألة ، وما العمل في مثل حالكم ، غير أن حل المشكلة التي بينكما لا يكون بمجرد الكلام النظري ، وإنما يحتاج إلى سعي جاد من الطرفين للخروج منها ، ومتى عجز الزوج عن الإصلاح بينكما ، وتوفير السكن اللازم للحياة الطبيعية بين الزوجين ، وجب عليه أن يفرق بينكما في المسكن ، فإن لم يفعل فحاولي أن توسطي من يصلح بينكما ، ويقنعه بالحفاظ على بيته ، وأن بإمكانه أن يستأجر لك ، أو لقريبته مسكنا ميسرا ، يكون قريبا من المسكن الآخر ، حتى يتمكن من مراعاة قريبته العجوز ، ويتمكن أيضا من القيام بحق بيته وأهله . فإن لم يفعل ، ولم تتمكني من تحمل الوضع القائم : فلك أن ترفعي أمرك للقضاء الشرعي ، كحل أخير للمشكلة بينكما .
نسأل الله أن يصلح ذات بينكما ، وأن يلهمكما رشدكما .
والله أعلم