الحمد لله.
ليس في السنة النبوية ما يدل على استحباب شرب الماء ، أو رشفات منه ، قبل تناول الطعام.
ولعل من ظن ذلك من السنة إنما توهمه لأجل ما ما ثبت في السنة من استحباب أن يكون الشرب على ثلاث دفعات . وهذا غير ما ظنه السائل ؛ فإن استحباب ذلك لا علاقة له بالطعام ؛ فسواء شرب قبل الطعام أو بعده أو في أثنائه ، أو في غير ذلك من الأحوال : استحب له أن يجعل شربه على ثلاث دفعات .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا ، وَيَقُولُ : إِنَّهُ أَرْوَى ، وَأَبْرَأُ ، وَأَمْرَأُ ). رواه مسلم في صحيحه ( 2028) .
قال ابن القيم:" معنى تنفسه في الشراب إبانته القدح عن فيه ، وتنفسه خارجه ، ثم يعود إلى الشراب ". زاد المعاد (4 / 210)
وفي الشرب بهذه الطريقة حكم جمة ، وفوائد مهمة ، وقد نبه صلى الله عليه وسلم على مجامعها بقوله : ( إِنَّهُ أَرْوَى ، وَأَبْرَأُ ، وَأَمْرَأ ُ)
أروى : من الرِّي ، أي : أشد ريا وأبلغه وأنفعه .
وأمرأ : أَيْ أَجْمَل اِنْسِيَاغًا .
وأبرأ : من البرء وهو الشفاء ، أي : يبرئ من شدة العطش ودائه ، لتردده على المعدة الملتهبة دفعات ، فتسكن الدفعة الثانية ما عجزت الأولى عن تسكينه ، والثالثة ما عجزت الثانية عنه .
وَقِيلَ : أَبْرَأ ، أَيْ أَسْلَم مِنْ مَرَض أَوْ أَذَى يَحْصُل بِسَبَبِ الشُّرْب فِي نَفَس وَاحِد .
ينظر : "شرح صحيح مسلم" للنووي (13 /199) .
قال ابن القيم: " ومن آفات الشرب نهلةً واحدة أنه يخاف منه الشَّرَق ، بأن ينسدَّ مجرى الشراب لكثرة الوارد عليه ، فيغَصَّ به ، فإذا تنفس رويداً ثم شرب أمن من ذلك ". انتهى " زاد المعاد " (4 / 231) .
والله أعلم