الحمد لله.
التلقيح الصناعي له صور متعددة منها الجائز ومنها الممنوع ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم 3474
والصورة المسئول عنها من التلقيح الصناعي الداخلي ، وفيها يتم أخذ نطفة الرجل وحقنها في الموضع المناسب من رحم الزوجة ، وهي صورة جائزة ، ولا يترتب على المرأة فيها غسل ؛ لعدم حصول الإنزال منها .
ومجرد إدخال مني الرجل إلى رحمها ، من غير جماع ، لا يوجب غسلا ، بل ولا وضوءا ، ما دام لم يخرج منها مرة أخرى .
قال النووي رحمه الله : " إذا استدخلت منيا في قبلها أو دبرها : لم يلزمها الغسل " انتهى .
"روضة الطالبين" (1/85) .
وقال البهوتي رحمه الله ـ في نواقض الوضوء ـ : " ( أَوْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ فَدَبَّ مَاؤُهُ فَدَخَلَ فَرْجَهَا ) ثُمَّ خَرَجَ : نَقَضَ ( أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ ) أَيْ : مَنِيَّ الرَّجُلِ ... ثُمَّ خَرَجَ نَقَضَ ) الْوُضُوءُ ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ ، ( وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْغُسْلُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ دَفْقًا بِشَهْوَةٍ ؛ ( فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ ... مِنْ ( الْمَنِيِّ شَيْءٌ : لَمْ يُنْقَضْ ) الْوُضُوءُ " انتهى . "كشاف القناع" (1/350) .
وينبغي أن يعلم أنه لا دخل لمني المرأة في تكون الجنين ، وإنما يتكون الجنين من الحيوان المنوي للرجل وبويضة المرأة .
قال الدكتور محمد علي البار حفظه الله في الكلام على " مني المرأة " : " إنما هو إفرازات المهبل وغدد بارثولين المتصلة به ، وأن هذه الإفرازات ليس لها دخل في تكوين الجنين وإنما وظيفتها ترطيب المهبل وتسهيل ولوج القضيب ... و هي إفرازات طبيعية وبيضاء خفيفة لزجة... وخروج الماء من فرج المرأة أمر طبيعي عند الجماع أو الاحتلام ، وهو موجب للغسل".
إلى أن قال :
" وقد أوضحنا أن هذا الماء لا علاقة له بتكوين الجنين ، لأن الجنين إنما يتكون من الحيوان المنوي للرجل وبويضة المرأة ، ولكن العلم الحديث يكشف شيئا مذهلا : أن الحيوانات المنوية يحملها ماء دافق هو ماء المني ، كذلك البويضة في المبيض تكون في حويصلة جراف محاطة بالماء فإذا انفجرت الحويصلة تدفق الماء على أقتاب البطن وتلقفت أهداب البوق البويضة لتدخلها إلى قناة الرحم حيث تلتقي بالحيوان المنوي لتكون النطفة الأمشاج . مما يتقدم يتضح أن للمرأة نوعين من الماء :
أولهما : ماء لزج يسيل ولا يتدفق وهو ماء المهبل ، وليس له علاقة في تكوين الجنين سوى مساعدته في الإيلاج وترطيب المهبل وتنظيفه من الجراثيم والميكروبات .
وثانيهما : ماء يتدفق وهو يخرج مرة واحدة في الشهر من حويصلة جراف بالمبيض ، عندما تقترب هذه الحويصلة المليئة بالماء الأصفر _ وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان : ( إن ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر ) _ من حافة المبيض ، فتنفجر عند تمام نموها وكماله ، فتندلق المياه على أقتاب البطن ، ويتلقف البوق ـ وهو نهاية قناة الرحم ( وتدعى أيضا قناة فالوب ) ـ البويضة فيدفعها دفعا رقيقا حتى تلتقي بالحيوان المنوي الذي يلقحها في الثلث الوحشي من قناة الرحم . هذا الماء يحمل البويضة تماما كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية ، كلاهما يتدفق ، وكلاهما يخرج من بين الصلب والترائب : من الغدة التناسلية : الخصية أو المبيض التي تتكون بين الصلب والترائب " . انتهى .
" خلق الإنسان بين الطب والقرآن" (120-122) .
والله أعلم .