الحمد لله.
أولا :
الإبل التي يملكها الإنسان ، إما أن تكون سائمة وهي التي ترعى النباتات البرية ، وإما أن تكون معلوفة أي يعلفها صاحبها ، فإن كانت سائمة وبلغت النصاب ففيها الزكاة .
وإن كانت معلوفة فلا زكاة فيها إلا أن تكون للتجارة ففيها زكاة التجارة .
والأصل في ذلك ما رواه البخاري (1454) عن أَنَس أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِ . . . وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ . . . الحديث .
فقيد الغنم بالسوم فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة .
وما رواه النسائي (2444) عن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه عَنْ جَدِّه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ. . . الحديث) . حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (791) .
فقيد الإبل بالسائمة فدل على أنه لا زكاة في غيرها .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/ 230) :" وَفِي ذِكْرِ السَّائِمَةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ ، فَإِنَّهُ لا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ " انتهى .
ثانيا :
إذا كانت الإبل سائمة وبلغت 200 ففيها خمس بنات لبون أو أربع حقاق ؛ لحديث أنس السابق وفيه : (فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنْ الْغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ . إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلا أَرْبَعٌ مِنْ الإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ ...) .
فقوله : (فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ) يدل على أن من ملك 200 من الإبل السائمة ، فهو مخير بين أن يخرج خمس بنات لبون أو أربع حقاق .
وبنت المخاض : هي التي أتمت سنة .
وبنت اللبون : هي التي أتمت سنتين .
والحقة : هي التي أتمت ثلاث سنين .
والجذعة : هي التي أتمت أربع سنين.
ثالثا :
إذا كانت الإبل معلوفة ، وكانت للتجارة ، فليس فيها زكاة الإبل الواردة في حديث أبي بكر الصديق المتقدم ، وإنما فيها زكاة عروض التجارة ، فإنه يقوّم ما لديه منها في نهاية الحول، ويخرج ربع العشر (2.5 %) من هذه القيمة .
ويدخل في التقييم جميع الإبل ، صغارها وكبارها والمولود منها حديثا ؛ لأن حول الأولاد تابع لحول الأمهات .
والله أعلم .