الحمد لله.
جاء في "المدونة" (1/195) :
"وسئل مالك عن الصبيان يؤتى بهم إلى المساجد ؟ فقال : إن كان لا يعبث لصغره ويكف
إذا نُهي فلا أرى بهذا بأسا , قال : وإن كان يعبث لصغره فلا أرى أن يؤتى به إلى
المسجد" انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم إحضار الصبيان الذين هم دون التمييز ممن
يُلَبَّسُّون الحفائظ التي ربما يكون أو غالب ما يكون فيها النجاسة ؟ وإذا حضروا هل
يُطْرَدون أم لا ؟
فأجاب :
"إحضار الصبيان للمساجد لا بأس به ما لم يكن منهم أذية ، فإن كان منهم أذية فإنهم
يُمنعون ؛ ولكن كيفية منعهم أن نتصل بأولياء أمورهم ، ونقول: أطفالكم يشوِّشون
علينا ، يؤذوننا وما أشبه ذلك ، ولقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يدخل في صلاته
يريد أن يطيل فيها ، فيسمع بكاء الصبي فيتجوَّز في صلاته مخافة أن تفتتن الأم ،
وهذا يدل على أن الصبيان موجودون في المساجد ؛ لكن كما قلنا : إذا حصل منهم أذية
فإنهم يُمنعون عن طريق أولياء أمورهم ؛ لئلا يحصل فتنة ؛ لأنك لو طردت صبياً له سبع
سنوات يؤذي في المسجد ، وضربته سيقوم عليك أبوه ؛ لأن الناس الآن غالبهم ليس عندهم
عدل ولا إنصاف ، ويتكلم معك وربما يحصل عداوة وبغضاء ، فعلاج المسألة هو : أن
نمنعهم عن طريق آبائهم حتى لا يحصل في ذلك فتنة .
أما مسألة إحضاره فليس الأفضل إحضاره ؛ لكن قد تُضْطَر الأم إلى إحضاره ؛ لأنه ليس
في البيت أحد وهي تحب أن تحضر الدرس ، وتحب أن تحضر قيام رمضان وما أشبه ذلك .
على كل حال : إذا كان في إحضاره أذية أو كان أبوه -مثلاً- يتشوش في صلاته بناء على
محافظته على الولد فلا يأتي به ، ثم إذا كان صغيراً عليه الحفائظ فلن يستفيد من
الحضور ، أما من كان عمره سبع سنوات فأكثر ممن أُمِرْنا أن نأمرهم بالصلاة ، فهم
يستفيدون من حضور المساجد ؛ لكن لا تستطيع أن تحكم على كل أحد، قد تكون أم الولد
ليست موجودة ميتة ، أو ذهبت إلى شغل لابد منه ، وليس في البيت أحد فهو الآن بين
أمرين : إما أن يترك صلاة الجماعة ويقعد مع صبيه، وإما أن يأتي به ، فيُرَجِّح ،
يَنْظُر الأرجح " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (125/8) .
وسئل رحمه الله : هل يجوز للرجل أن يذهب إلى المسجد ومعه أطفاله الصغار دون
الرابعة؟
فأجاب :
"الأطفال الذين دون الرابعة في الغالب لا يحسنون الصلاة لأنه لا تمييز لهم ، والسن
الغالب للتمييز هو سبع سنين وهو السن الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نأمر
أولادنا بالصلاة إذا بلغوه ، فقال عليه الصلاة والسلام : (مروا أولادكم أو أبناءكم
بالصلاة لسبع) وإذا كانوا هؤلاء الأطفال الذين في الرابعة لا يحسنون الصلاة فلا
ينبغي له أن يأتي بهم في المسجد اللهم إلا عند الضرورة ، كما لو لم يكن في البيت
أحد يحمي هذا الصبي فأتى به معه بشرط ألا يؤذي المصلين ، فإن آذى المصلين فإنه لا
يأتي به ، وإذا احتاج الطفل أن يبقى معه في البيت فليبق معه ، وفي هذه الحال يكون
معذوراً بترك الجماعة لأنه تخلف عن الجماعة لعذر وهو حفظ ابنه وحمايته" انتهى من
"فتاوى نور على الدرب" .
والحاصل : أنه إذا أمكنك ضبط الصبي ومنعه من اللعب والتشويش فلا حرج في إحضاره
للمسجد وإلا فلا .
والنصيحة لأهل المسجد عموماً أن يتحملوا الأطفال الصغار ، وليتعاون الجميع على
تعليمهم آداب المسجد .
وينبغي أن يُعلم أن مجرد حصول صوت أو حركة من الصبي الصغير في المسجد ليس بمسوغ
لمنعه من المسجد ، فقد كان الأطفال يفعلون ذلك في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
ويقرهم ، ويخفف الصلاة رحمةً بهم ، وبأمهاتهم ، ولكن من علم منه زيادة أذية للمصلين
، فهذا هو الذي ينبغي ألا يصحب إلى المسجد حتى يتأدب بآدابه .
ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال رقم (132895)
و (11605) و (111902)
.
والله أعلم .