الحمد لله.
لا شك أن ما تذكرينه من البلاء الشديد ، ومن الأمور المنغصة المحيرة ، ولذلك فلا بد
أن نتعامل مع الحدث بمزيد من الحكمة والتعقل والرشد والخوف من الله .
فحيث ذكرَت لك هذه الفتاة – هداها الله – قصتها ، وحكت لك عن مصيبتها ، فأنت إذاً
محل ثقة عندها ، فلابد من استغلال هذا الموقف بنوع من الحكمة .
فإذا كانت لا تزال على ما هي عليه من المعصية – وهو ما يظهر من كلامك - فقد تأكد
وجوب قيامك بما يجب عليك من النصح والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فعليك بالقيام بذلك بأي طريقة تسنح لك ، وكما أخبرتك بموضوعها وفهمت عنها فانصحيها
وذكريها بالله وخوفيها من عقوبته في الدنيا والآخرة ، وأعلميها أن الاستمرار على
المعصية الصغيرة والإصرار عليها يجعلها كبيرة ، فما بال الإصرار على الكبيرة !.
خوفيها من الله ، وهدديها أنها إن لم تنتهي عما هي عليه فإنك سوف تذكرين أمرها
لأخيها .
فإن انتهت عما هي عليه وانصلح أمرها وعُرف ذلك من حالها فالستر أولى ، وخاصة أن كشف
مستورها قد يجر وراءه البلاء العظيم .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
يراجعني بعض المرضى الذين أقدموا على شرب المسكر وتناول المخدر , وقاموا على إثر
ذلك بارتكاب بعض الجرائم مثل الزنا واللواط , هل أقوم بالتبليغ منهم أم لا ؟
فأجاب : " عليك النصيحة , تنصح لهم وتحثهم على التوبة , وتستر عليهم ولا ترفع أمرهم
ولا تفضحهم , وتعينهم على طاعة الله ورسوله , وتخبرهم أن الله سبحانه يتوب على من
تاب , وتحذرهم من العودة إلى هذه المعاصي " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز" (9 /
436).
وإن لم تنته عن هذه المعصية
: فلا يلزمك الستر عليها ؛ لأن من وراء هذا الستر ارتكاب المحرمات والتمادي في
المهلكات والإقرار على الخبث وتضييع حقوق الناس وتلويث فراش المسلم بالعظائم
الموبقات .
ولا شيء عليك حينئذ في إخلاف وعدك إياها بالستر عليها ؛ فإن مثل هذا الوعد لا يجوز
الوفاء به ؛ لما يترتب على الوفاء به من المنكرات العظيمة – كما تقدم - .
والحاصل:
إذا تمكنت من نصحها وزجرها فانتصحت وانزجرت فذاك ، وإن لم تنزجر ، أو لم تتمكني من
نصحها ، وكانت لا تزال على ما هي عليه : فالواجب إخبار أخيها بشأنها ؛ فإن ذلك في
الحقيقة في مصلحتها .
والله أعلم .