ازداد لدي مولودتان ولله الحمد ، سميت الكبرى " عزيزة "، على اسم والدتي المتوفاة رحمها الله ، وسميت الصغرى " كلثوم " على اسم والدة زوجتي رحمها الله ، والهدف من ذلك هو تذكر الوالدتين ومحبتهما ومكانتهما في نفوسنا ، هل يجوز ذلك شرعا ، هل ذلك من أعمال البر بالوالدين ؟
الحمد لله.
تسمية الأبناء بأسماء الأجداد والآباء يتبع التفصيل الآتي :
1- إذا وقع بطلب الأب من ابنه أن يسمي حفيده على اسمه : فتلبية طلبه ، والنزول عند رغبته من كمال البر والصلة ، إذ لا شك أن طاعة الوالدين فيما يحبانه من أبواب المباحات هو من البر ، ولكن لا يلزم من ذلك أن من لم يستجب لوالده في هذا الشأن فهو عاق ، وإنما خالف الأولى ، إلا إذا رفض أن يسمي على اسم أبيه لعذر ، كما في حال أن يكون اسم أبيه غير شرعي أو لا يسمي به الناس اليوم ، ونحو ذلك من الأعذار .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي عن تسمية الأولاد على الوالدين ، خصوصاً إذا كان الوالد يرى أن ذلك بر ، وأنه إذا لم يفعل فإنه عاق لوالديه ؟
فأجاب :
الأفضل أن يقول للأب : الأسماء المحبوبة إلى الله أحب إلي وإليك ، فما دام الله تعالى يحب الأسماء المضافة إليه عبد الله وعبد الرحمن ، فأعطني يا والدي فرصة أسمي بذلك .
فإن أصر ورأيت أنه سوف يرى ذلك عقوقاً منك فلا بأس أن تسمي باسمه وإن كان مرجوحاً ، فلو فرضنا أن اسمه محمد وقال : سم ولدك محمداً ، قال: يا أبت ، عبد الله أحسن وأفضل ، قال : لا ، إن كنت تريد أن تبرني سمه محمداً ، فهنا لا بأس أن يسميه محمداً ؛ لأنه اسم مباح وطيب ، وأسماء الرسل أفضل من أسماء غيرهم ، إلا ما كان أحب إلى الله فهو أفضل " انتهى.
" اللقاء الشهري " (28/سؤال رقم/12)
2- أما إذا كان الأب متوفى ، أو كان حيا ولم يطلب أن يسمى حفيده باسمه : فهنا نقول : إن تسمية الأبناء بأسماء أحد الوالدين ليس من البر المطلوب المؤكد ، وإنما هو من المحبة والمودة التي يؤجر الإنسان على نيته فيهما ، ويؤجر إن كان ذلك مما يفرح الوالدين ، أو كان سبباً في الدعاء للوالدين كلما تذكرهما بسبب تسمية ابنه باسمهما ، ولكن ذلك لا يجعل هذا العمل من البر المؤكد ، إذ لم يرد به الدليل الخاص ، ولم نجد للعلماء نصا عليه ، وإنما هو من البر بحسب النية أو بحسب ما يؤول الأمر إليه .
وقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله السؤال الآتي :
هل تسمية الأولاد على الوالدين من البر بهما ؟
فأجاب:
هذا يدل على المحبة والارتباط، ليس من البر، ولكن يدل على المحبة والارتباط بالوالدين.
وسئل فضيلة الشيخ خالد المشيقح حفظه الله السؤال الآتي :
" هل تسمية المولود أو المولودة باسم الأب أو الأم خاصة وأنهما قد توفاهما الله إلى رحمته (يعتبر براً بالوالدين) ؟
فأجاب :
هذا لم يرد فيه شيء في الشرع ولا في السنة النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن لا شك أن كون الإنسان يسمي باسم والده أو والدته قد يكون ذلك أدعى إلى أن يتذكر والديه ، وأن يقوم بالدعاء لهما ، فإن كانت تترتب عليه هذه المصلحة فالأولى أن يسمي باسميهما ، والله أعلم " انتهى.
وأما حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ) رواه مسلم (2315) فهو دليل على استحباب تسمية الأبناء بأسماء الأنبياء كما بين ذلك العلماء ، كما في " تسمية المولود " للشيخ بكر أبو زيد (ص/15).
والله أعلم .