الحمد لله.
هذا لا شك من الشيطان ، ومن جراء الاختلاط المحرم في الجامعات وغيرها ، ولو التزم كل مسلم ومسلمة ما أمر الله به من العفة والحشمة وحسن الخلق لما أصاب الناس في دينهم ودنياهم ما أصابهم .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الطالب في الجامعات والمدارس المختلطة يجب عليه أن يحذر ذلك ( يعني الاختلاط ) وأن يلتمس مدرسة وجامعة غير مختلطة ; لأن وجود الشباب بجوار الفتيات وسيلة لشر عظيم , وفساد كبير , والواجب على المؤمن عند الابتلاء بهذه الأمور أن يتقي الله حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا , وأن يغض بصره , ويحذر من النظر إليها أو إلى محاسنها ومفاتنها , بل يلقي بصره إلى الأرض , ولا ينظر إليها , ومتى صادف شيئا من ذلك غض بصره " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (5 / 313)
وراجعي أدلة تحريم الاختلاط في إجابة السؤال رقم : (1200) ، ورقم (8872) .
- وكان من عاقبة هذه المخالفة ما يقع فيه كثير من الشباب والشابات من العلاقات المحرمة كالعشق والمصاحبة ومقدمات الفواحش .
يقول شيخ الإسلام رحمه الله :
" عشق الأجنبية فيه من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد ، وهو من الأمراض التي تفسد دين صاحبها ، ثم قد تفسد عقله ثم جسمه " انتهى . "مجموع الفتاوى " (10/132)
وينظر جواب السؤال رقم : (((((22715) ، (82010) .
- ومما يورثه العشق من معان فاسدة فساد مادة القلب ، ونزول الإرادة لشهوة هذا القلب المريض ، وتحصيل الرغبة المتوهمة بالوسائل المحرمة ، وزلزلة اليقين بالله ، وسوء الظن به عند عدم حصول الملائم .
فقول الفتاة : لو أتي الجامعة يرتدي قميصا برتقاليا فإنها تكون علامة من الله على قبوله زوجا ... ، إلخ ما ذكرته في قصتها ، يقال فيه : ما علاقة قبول الزوج أو عدم قبوله بلون اللباس الذي يلبسه ، أو مجيئه للجامعة ، أو عدم مجيئه ، إن ذلك أقرب إلى أعمال الشعوذة والكهانة ، أو الاستقسام بالأزلام !!
وإنما المشروع في حق كل مسلم أنه متى وقع في قلبه شيء مما يريده أو يهم به ، خاصة في الأمور التي لها أهمية وخطر في حياته ، المشروع له أن يستخير الله فيه ، ويخلص اللجوء إلى ربه ، ويطلب منه الهدى والتوفيق لما فيه الخير ، وأن يفوض أمره إلى الله ، ويرضى بما قسمه له وقضاه .
وينظر في صلاة الاستخارة : إجابة السؤال رقم : (11981) .
- وأما ما ذكر في السؤال من أن هذه الفتاة قد لامت ربها ؛ فهو أشنع ما ورد ذكره عنها ، نسأل الله أن يهديها ، ويصلح شأنها ، ويلهمها التوبة النصوح .
هلا لامت الفتاة نفسها على أنها تعلقت بشاب أجنبي عنها ، ودخلت معه في علاقة محرمة في الشرع ؟
هلا لامت نفسها على أنها لم تفوض الأمر لربها ، علام الغيوب ، وتصدق في طلب الخير منه؟!
وقد قال علي رضي الله عنه : لا يلومن عبد إلا نفسه ، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه!
فلتحسن الظن بربها ، فهو أهل الجميل والفضل والعطاء ، فإن لامت فلا تلومن إلا نفسها الأمارة بالسوء ، ولتخش على دينها وفساد اعتقادها ، وهلاكها دنياها وأخراها : إن هي أساءت الظن بربها ، ولامت الرحيم الكريم ، ذا الجلال والإكرام ، الذي هو أهل الثناء والمجد ، والتقوى والمغفرة ، على أمر هي جاهلة بعاقبته ، ولا تدري أين يكون الخير من الشر .
وإنما يقال في ذلك وأمثاله : الحمد لله ، وقدر الله وما شاء فعل ، وأشباه ذلك من كلام أهل الرضا بالله وعن الله . قال الله عز وجل :
( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة / 216 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) .
رواه مسلم (2999) .
قال ابن القيم رحمه الله : " العبد لا يريد مصلحة نفسه من كل وجه ، ولو عرف أسبابها ، فهو جاهل ظالم ، وربه تعالى يريد مصلحته ، ويسوق إليه أسبابها ، ومن أعظم أسبابها : ما يكرهه العبد ؛ فإن مصلحته فيما يكره ، أضعاف أضعاف مصلحته فيما يحب " انتهى .
"مدارج السالكين" (2/ 205)
والله أعلم