عقد شخصان عقد إجارة على آلة تستعمل في البناء ، ثم أراد المستأجر أن يشتريها واتفقا مع مهلة 4 أشهر لسداد الثمن ، لكنه تأخر عن السداد مدة ثلاثة أشهر أخرى ، فقرر مالك الآلة إلغاء البيع لمماطلة المشتري وحصل له ضرر من جراء التأخير ، مع العلم أن المشتري أو المستأجر كان ينتفع بها خلال الأشهر السبعة الماضية . السؤال هو : هل يحق للمالك أن يأخذ أجرة الأشهر السبعة ؟.
الحمد لله.
أولاً:
إذا تم البيع بين المتعاقدين ، وتم تسليم السلعة للمشتري ، فليس من حق البائع إلغاء البيع بعد ذلك ؛ لأن عقد البيع عقد لازم لا يجوز فسخه إلا برضا الطرفين ، أو وجود عذر يبيح ذلك .
وإعسار المشتري وعدم قدرته على السداد من الأعذار التي تبيح فسخ البيع إذا لم يكن البائع يعلم عند البيع بإعساره ، وأما إذا كان عالماً بذلك فلا حق له في فسخ العقد .
قال الشيخ ابن عثيمين : "لو كان البائع يعلم بعسرة المشتري ، فإنه لا خيار له ، فالرجل مثلاً إذا باع على إنسان سلعة يظن أنه غني ، ثم تبين أنه معسر فله الفسخ ؛ لأن في إنظاره ضرراً عليه.
أما إذا باع هذه السلعة على شخص ، وهو يعلم أنه معسر فإنه لا خيار له ؛ لأنه دخل على بصيرة " انتهى من "الشرح الممتع" (8/364) .
وكذلك إذا تبين أن المشتري غير معسر ولكنه يماطل بالثمن فيجوز للبائع أن يفسخ البيع ويأخذ السلعة التي باعها .
وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية .
ففي "الموسوعة الفقهية" (32/136) : "وَيَرَى ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا كَانَ مُوسِرًا مُمَاطِلاً فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُخَاصَمَةِ ، قَال فِي الإِنْصَافِ : وَهُوَ الصَّوَابُ" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " إذا ظهر أنه مماطل فللبائع الفسخ ؛ لأن بعض المماطلين أسوأ حالاً من الفقراء ، فإن الفقير ربما يرزقه الله المال فيوفي ، والمماطل إذا كان هذا من عادته فإنه يصعب جداً أن يوفي .
فالصواب أن للبائع الفسخ حفاظاً على ماله ، وفيه ـ أيضاً ـ مع كونه حفاظاً على مال البائع ردع للمماطل ؛ لأن المماطل إذا علم أنه إذا ماطل فُسِخَ البيع فسوف يتأدب ولا يماطل في المستقبل ". انتهى "الشرح الممتع" (8 / 364) .
ثانياً:
إذا تم عقد البيع بعد فسخ الإجارة أو انتهاء مدتها ، فلا يحق لك أن تأخذ منه أجراً مقابل الفترة التي استعمل الآلة فيها ؛ لأنها كانت في ملكه وتحت ضمانه ، فلو أصابها عطب أو تلف خلال هذه المدة لكانت من مسئوليته .
وأما إذا تم البيع قبل انتهاء عقد الإجارة – ولم تفسخا عقد الإجارة – ففي هذه الحال يحق لك أخذ الأجرة عن المدة الباقية من عقد الإجارة فقط .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (1 / 275) : " وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ نَفْسِهِ ، فَالأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَابِلَةِ ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ ، أَنَّهُ لاَ تَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ " انتهى .
وقال ابن قدامة المقدسي : " إذَا أَجَّرَ عَيْنًا ، ثُمَّ بَاعَهَا ، صَحَّ الْبَيْعُ ... فَإِنْ اشْتَرَاهَا الْمُسْتَأْجِرُ ، صَحَّ الْبَيْعُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا لِغَيْرِهِ ، فَلَهُ أَوْلَى ، لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ ...
فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَجْرُ بَاقِيًا عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ ، وَيَجْتَمِعَانِ لِلْبَائِعِ ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَهُ ". انتهى من "المغني" (6/53) .
والله أعلم .