الحمد لله.
وأما الذين أجازوا الذهاب
إلى القدس والصلاة في المسجد الأقصى الآن ، فيقولون :
1. ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم زار المسجد الحرام وطاف وصلى
واعتمر فيه بما سمي " عمرة القضاء " وذلك سنة سبع للهجرة ، وكانت مكة إذ ذاك في
قبضة المشركين والذين منعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قبل ذلك من دخولها .
فلم يكن وجود مكة في قبضة المشركين مانعاً للمسلمين من السفر إليها والصلاة في
المسجد الحرام فيها ، ولم يكن ذلك واجباً على المسلمين حتى يقال بأنه من باب
الضرورة ، وليس اليهود بأشد كفراً وطغياناً من المشركين .
وهذا دليل شرعي يقضي على الخلاف ، ولا ينبغي تقديم العاطفة على الشرع ، ولم يكن
الذهاب لمكة في ذلك الوقت تطبيعاً مع المشركين ، ولا مزيلاً لحواجز العداء والبغضاء
بين المسلمين والمشركين ، بل العكس هو الصحيح ؛ فإن رؤية الكعبة في قبضة المشركين
زاد في العداوة والبغضاء تجاههم .
ولم يكن الذهاب لمكة منسياً لجهاد الكفار المحتلين ، بدليل ما حصل بعد ذلك من " فتح
مكة " وتطهيرها من رجس الشرك وأهله ، وهكذا يقال في رؤية اليهود وهم يحتلون المسجد
الأقصى ؛ فإن ذلك يزيد في عداوتهم وبغضهم ، ويزيد من الإصرار على تحرير المسجد – بل
فلسطين كلها – من قبضتهم .
2. ويقولون : إن السفر إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى فيه توكيد للعالَم بأحقية
المسلمين في هذا المسجد ، وأنه باقٍ في ذاكرتهم لم ينسوه .
3. ويقولون : إننا بسفرنا هذا نقدم دعماً معنويّاً للمسلمين هناك ، حيث نراهم
ونختلط بهم ، ونقوي عزائمهم بالكلمة الطيبة والتشجيع على البقاء مرابطين .
4. ويقولون : ونقدم أيضاً للمسلمين هناك الدعم المادي ، وذلك عن طريق الشراء من
بضائعهم ، أو إدخال مبالغ للفقراء والمحتاجين هناك .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : في ظل التفاهم بين العرب واليهود، هل يجوز
زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، خصوصا في حال الموافقة من الدول العربية ؟ .
فأجاب : " زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه سنة إذا تيسر ذلك ؛ لقول النبي صلى الله
عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ، ومسجدي هذا،
والمسجد الأقصى متفق على صحته ". انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (8/214).
وسألنا الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى عن هذه المسألة فقال : " زيارة
المسجد الأقصى الآن جائزة ومشروعة ، وقد اعتمر الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة
ومكة تحت سلطان المشركين " انتهى .
وعلى من عزم السفر للمسجد الأقصى أن يراعي جملةً من الأمور :
1. أن تكون النية في السفر فقط إلى " المسجد الأقصى " ، دون غيره من أماكن العبادة
، أو المساجد .
2. أن لا يعقب الزيارة ولا يسبقها الذهاب إلى أماكن السياحة ؛ لما فيها من مفاسد لا
تخفى .
3. أن لا تكون الإقامة في فنادق يهودية إن تيسر غيرها .
4. أن يتجنب ما فيه إثراء لاقتصادهم قدر استطاعته .
وينظر جواب السؤال رقم :( 7726 ) ففيه بيان
أهمية القدس بالنسبة للمسلمين وأنه ليس لليهود حقٌّ فيها .
والله أعلم .