الحمد لله.
وإن كان الانقطاع لكبر سن ، كما لو كانت والدتك قد تجاوزت الخمسين من عمرها فانقطع عنها حيضها ، ثم عاد بعد سنة ، فالصحيح من أقوال العلماء رحمهم الله أن الإياس لا يُحدّ بزمن معين ، وأن المرأة متى رأت الدم المعروف عند النساء أنه حيض؛ فهو حيض ؛ لعموم قوله تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ). وهذا مذهب الشافعية ، وبعض الحنابلة ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
وينظر : الموسوعة الفقهية (18/ 297)، الإنصاف للمرداوي (1/ 356).
قال ابن قدامة رحمه الله : " والصحيح إن شاء الله تعالى أنه متى بلغت المرأة خمسين سنة , فانقطع حيضها عن عادتها مرات لغير سبب , فقد صارت آيسة ; لأن وجود الحيض في حق هذه نادر , فإذا انضم إلى هذا انقطاعه عن العادات مرات , حصل اليأس من وجوده , فلها حينئذ أن تعتد بالأشهر . وإن رأت الدم بعد الخمسين , على العادة التي كانت تراه فيها , فهو حيض في الصحيح ; لأن دليل الحيض الوجود في زمن الإمكان , وهذا يمكن وجود الحيض فيه , وإن كان نادرا " انتهى مختصرا من "المغني" (8/ 87).
وجاء في "أسنى المطالب" (3/ 392) : "فإن حاضت الآيسة التي تقدم لها حيض في أثناء الأشهر انتقلت إلى الحيض ... ؛ ولتبين أنها ليست من الآيسات" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فالصواب: أن
الاعتماد إنما هو على الأوصاف، فالحيض وُصف بأنه أذى، فمتى وجد الدم الذي هو أذى
فهو حيض " انتهى من "الشرح الممتع" (1/ 468).
ثانياً :
إذا كان الدم الذي نزل على والدتك على صفة دم الحيض ، فإن عمرتها لم تتم ؛ لأن
الحائض ممنوعة من الطواف بالبيت حتى تطهر من حيضها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لعائشة رضي الله عنها : ( افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) .
وعليه ؛ فالواجب على والدتك أن تجتنب محظورات الإحرام ، وتعيد الطواف ، ثم تسعى
وتقصر ، وبذلك تتم عمرتها .
فإن لم يكن هذا الدم على صفة دم الحيض فهو نزيف وليس حيضاً ، فالعمرة التي قامت بها صحيحة إن شاء الله تعالى .
والله أعلم .