إنني استخدم المرحاض الحديث (الإفرنجي) لقضاء الحاجة لذلك فإنني عند الاستنجاء أشعر بقطرات ماء تتساقط من الخلف ولا أدري إن كانت هذه القطرات نجسة أم لا. فما حكمها وكيف يتم التعامل معها؟
الحمد لله.
يجب على المسلم في أمر دينه كله أن لا يلتفت إلى ما يعرض له من وساوس الشيطان ،
وعليه أن يتطهر كما أُمر ، ويصلي كما أمر ، ولا يلتفت إلى ما يلقيه الشيطان من
وساوسه في نفسه ، يريد بها كيده ، وتبغيض العبادة إليه ، وتشكيكه فيها .
وهذه القطرات التي تتساقط من الخلف بعد تمام الاستنجاء بالماء إنما هي بقايا ماء
الاستنجاء ، ينحدر متساقطا ، فلا تلتفتي إلى ذلك ، وأقبلي على صلاتك ؛ فإن العبد لا
يخرج عن يقين الطهارة بمجرد الشك ، وهذا في الحقيقة من الوسواس الذي يجب دفعه وعدم
الانشغال به .
وقد روى البخاري (2056) ومسلم (361) . عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال :
( شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يَجِدُ فِي
الصَّلاةِ شَيْئًا أَيَقْطَعُ الصَّلاةَ قَالَ لا حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ
يَجِدَ رِيحًا ) .
قال النووي رحمه الله :
" هَذَا الْحَدِيث أَصْل مِنْ أُصُول الْإِسْلَام وَقَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ
قَوَاعِد الْفِقْه , وَهِيَ أَنَّ الْأَشْيَاء يُحْكَم بِبَقَائِهَا عَلَى
أُصُولهَا حَتَّى يُتَيَقَّن خِلَاف ذَلِكَ . وَلَا يَضُرّ الشَّكّ الطَّارِئ
عَلَيْهَا " انتهى .
"شرح النووي على مسلم" (4/49) .
وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عما إذا توضأ وقام يصلي وأحس بالنقطة في صلاته : فهل
تبطل صلاته أم لا ؟ .
فأجاب : " مجرد الإحساس لا ينقض الوضوء ؛ ولا يجوز له الخروج من الصلاة الواجبة
بمجرد الشك . وأما إذا تيقن خروج البول إلى ظاهر الذكر فقد انتقض وضوءه وعليه
الاستنجاء ، إلا أن يكون به سلس البول فلا تبطل الصلاة بمجرد ذلك إذا فعل ما أمر به
" انتهى . "مجموع الفتاوى" (21 / 219-220)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" لا ينبغي للمؤمن أن يلتفت إلى هذه الوساوس ; لأن هذا يجرئ عليه الشيطان ,
والشيطان حريص على إفساد أعمال بني آدم , من صلاة وغيرها . فالواجب الحذر من مكائده
ووساوسه , والاتكال على الله , وحمل ما قد يقع له من الوساوس على أنه من الشيطان ,
حتى لا يلتفت إليه , فإن خرج منه شيء عن يقين من دون شك : أعاد الاستنجاء , وأعاد
الوضوء , أما ما دام هناك شك ، ولو كان قليلا فإنه لا يلتفت إلى ذلك ; استصحابا
للطهارة , ومحاربة للشيطان " انتهى .