أرجو معرفة الحكم الشرعي في الآتي:
أب ما زال على قيد الحياة يمتلك قطعتي أرض ومنزل، وله أم وزوجة وولد وستة بنات.
قطعة الأرض الأولى موقعها متميز، ومساحتها 23 قيراط، ويبلغ ثمنها تقريبا 900 ألف جنيه.
قطعة الأرض الثانية مساحتها 55 قيراط، ويقدر ثمنها تقريباً بـ 800 ألف جنيه.
المنزل يقدر ثمنه تقريباً بـ مليون جنيه.
كان الابن يقيم مع والده قبل فترة ويعمل معه في التجارة، وكان الأب يقوم بالنفقة على الابن وزوجة الابن وأولاد الابن.
قام الأب بعمل الأتي:
أ- أعطى المنزل لزوجته
ب- أعطى قطعة الأرض الأولى المميزة لابنه الوحيد على أساس أن الفترة التي عمل بها مع والده في التجارة لم يكن يتقاضى راتباً بالإضافة إلى أن زوجة الابن قامت بإعطائه ذهبها وقامت الأم بإعطاء ذهبها لابنها، وقام الابن ببيعه ودفع قيمة الذهب لوالده، وهو يشكل تقريباً ثمن قيراطين)
ج- أعطى البنات قطعة الأرض الثانية وقسمها بينهم، ولكن أعطى البنات التي لم تتزوج حتى الآن أكثر من البنات التي تزوجت.
د- لم يعط أمه شيء.
أرجو معرفة الحكم الشرعي في الأتي:
1- هل هذه القسمة صحيحة شرعاً؟
2- هل يجوز شرعاً تقسيم أملاكه كلها وهو ما زال على قيد الحياة بهذا الشكل؟
3- وفي حالة أن هذه القسمة مخالفة للشرع، وأراد أن يقسم أملاكه وهو عايش، كيف يقسمها؟
وجزاكم الله خيراً وبارك فيكم ونفع بكم المسلمين
الحمد لله.
يجوز للإنسان أن يقسم ماله بين ورثته في حياته بشرط ألا يقصد الإضرار ببعض الورثة ،
فيمنع بعضهم أو يعطيهم دون حقهم إضراراً بهم .
ويعتبر هذا هبة منه لأولاده ، ويلزمه العدل بينهم وعدم تفضيل أحدهم إلا لمسوّغ .
لما روى البخاري (2587 ) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ :
تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ
رَوَاحَةَ : لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ
: (اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ) فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ
الصَّدَقَةَ .
ولمسلم (1623) : (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا
بَشِيرُ ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : أَكُلَّهُمْ
وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : (فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا ،
فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ) .
قال ابن قدامة رحمه الله : " يجب على الإنسان التسوية
بين أولاده في العطية , إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل , فإن خص بعضهم
بعطيته , أو فاضل بينهم فيها أثم , ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين ; إما رد ما
فَضَّل به البعض , وإما إتمام نصيب الآخر . قال طاوس : لا يجوز ذلك , ولا رغيف
محترق . وبه قال ابن المبارك وروي معناه عن مجاهد , وعروة " انتهى من "المغني" (5/
387) .
وعليه ؛ فيلزم الأب أن يسوي بين الإناث ، المتزوجة
وغير المتزوجة ، وأن يعطي للذكر ضعف ما يعطيه للأنثى ، إلا أن يرضى أولاده بالتفضيل
في العطية ، فلو رضي الجميع بالقسمة التي وردت في السؤال فلا حرج ، بشرط أن يكون
الرضى حقيقياً .
وإذا لم يقصد الرجل حرمان أمه من التركة ، فلا حرج عليه في تقسيم أمواله بين أولاده
فقط ، لأن ذلك من باب الهبة كما سبق ، وإن جعل شيئًا لأمه فهذا أولى وأحرى ، فإن
حقها في البر عظيم ، ولو مات كان لها سدس التركة .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (71297)
.
والله أعلم .