الحمد لله.
دلت هذه الأحاديث وما في معناها على شيئين :
الأول : يشرع عند إقبال الليل منع الصبيان - وكذا سائر البهائم من الإبل والغنم
وغيرها – من الخروج ؛ لأن هذه ساعة تنتشر فيها الشياطين في الأرض ، ولا تُؤمن
غوائلهم على الصبيان وسائر الحيوانات .
الثاني : إغلاق أبواب البيوت والغرف والشبابيك بالليل ، إذا لم تكن هناك حاجة إلى
فتحها ، وخاصة عند إرادة النوم .
فيكون منع الصبيان من الخروج في أول ساعة من الليل ، أما إغلاق النوافذ والأبواب
فيكون في عامة الليل ، غير مخصوص بأوله ، إذا لم تكن هناك حاجة داعية إلى فتحها ؛
وذلك صيانة للبيت وأهله من دخول الشياطين وسائر ما يؤذي من هوام الأرض .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" وفي هذا الحديث الأمر بغلق الأبواب من البيوت في الليل ، وتلك سنة مأمور بها رفقا
بالناس لشياطين الإنس والجن " انتهى من " الاستذكار " (8/363)
وقال ابن بطال رحمه الله :
" أمره عليه السلام بإغلاق الأبواب بالليل خشية انتشار الشياطين وتسليطهم على ترويع
المؤمنين وأذاهم " انتهى من "شرح صحيح البخارى" ـ لابن بطال (9 /67)
ولا ينبغي أن يشدد المسلم على نفسه في ذلك ، فيرى أنه
متى دخل الليل إلى الفجر فإن عليه أن يغلق كل باب وكل نافذة في البيت ، وإذا رأى
أحدا من أهل بيته فتح النافذة بالليل نهره ، ونحو ذلك مما عسى أن يجلبه التشدد على
أهله ، ولكن يقال : كل باب لا حاجة إلى فتحه بالليل فإنه يغلق ، وكذا النوافذ
والشبابيك ، وما كان من ذلك يفتح للحاجة فلا حرج في فتحه ، ثم يغلق متى انقضت
الحاجة ، ويتأكد ذلك عند إرادة النوم خاصة .
وفي ذلك صيانة لحرمات البيت من شياطين الإنس والجن .
فإذا أراد أهل البيت فتح النوافذ مثلا لشدة الحر ، مع التحرز للحرمات ، فلا حرج في
فتحها ، وإذا كان هناك ما يستدعي فتح باب معين بصفة دائمة لكثرة الدخول والخروج فلا
حرج في فتحه ، ومتى انقضت الحاجة أوصد وأغلق .
وينظر جواب السؤال رقم (125922
)،
ورقم (127141)
والله تعالى أعلم .