أهل زوجي عائلة مكونة من خمس بنات وأم ووالد زوجي ، ويأتون في الإجازات للإقامة عندي أحيانا أسبوع أو أسبوعين . ولكن عندي مشكلة : أنه في أعمال البيت لا يقمن بمساعدتي حتى في إعداد الطعام ، وزوجي يقول إنهن لسن ملزمات بمساعدتي ، وأن ذلك واجب علي . وأنا الآن في مشكلة معه ، وأقول ليس لهم الحق في الإقامة أكثر من ثلاث ليال بدون مساعدتي ، وأنا لي مبدأ بأن إكرام الضيف ثلاث ليال ، وبعد ذلك لا يكون ضيفاً ، ويصبح من أهل المنزل ، وعليه المساعدة ، خصوصاً فيّ الآن لأني أعاني من ألم في أسفل ظهري ، أرجو الرد بأسرع وقت ممكن : هل ذلك واجب عليّ شرعاً؟
الحمد لله.
أولاً :
الضيافة من مكارم الأخلاق ، ومن علامات الإيمان ودلائله ، ولا تجب إلا يوماً وليلة
عند بعض أهل العلم ، والجمهور على عدم وجوبها مطلقاً .
وقد ورد في شأنها وفضلها : ما روى البخاري (6019) ومسلم (48) عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ
الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ ،
قَالَ : وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ،
وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ
عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا
أَوْ لِيَصْمُتْ ).
وفي رواية لمسلم : ( الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ
وَلَيْلَةٌ ).
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : " هَذِهِ الْأَحَادِيث مُتَظَاهِرَة عَلَى
الْأَمْر بِالضِّيَافَةِ وَالِاهْتِمَام بِهَا وَعَظِيم مَوْقِعهَا , وَقَدْ
أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الضِّيَافَة , وَأَنَّهَا مِنْ مُتَأَكِّدَات
الْإِسْلَام , ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَأَبُو حَنِيفَة - رَحِمَهُمْ
اللَّه تَعَالَى - وَالْجُمْهُور : هِيَ سُنَّة لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ , وَقَالَ
اللَّيْث وَأَحْمَد : هِيَ وَاجِبَة يَوْمًا وَلَيْلَة , وَقَالَ أَحْمَد - رَضِيَ
اللَّه عَنْهُ - : هِيَ وَاجِبَة يَوْمًا وَلَيْلَة عَلَى أَهْل الْبَادِيَة
وَأَهْل الْقُرَى دُون أَهْل الْمُدُن , وَتَأَوَّلَ الْجُمْهُور هَذِهِ
الْأَحَادِيث وَأَشْبَاههَا عَلَى الِاسْتِحْبَاب وَمَكَارِم الْأَخْلَاق
وَتَأَكُّد حَقِّ الضَّيْف كَحَدِيثِ (غُسْل الْجُمُعَة وَاجِب عَلَى كُلّ
مُحْتَلِم) أَيْ مُتَأَكِّد الِاسْتِحْبَاب , وَتَأَوَّلَهَا الْخَطَّابِيُّ -
رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - وَغَيْره عَلَى الْمُضْطَرّ . وَاللَّهُ أَعْلَم " انتهى .
ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله القول بالوجوب .
قال رحمه الله : " ومن فوائد هذا الحديث : وجوب إكرام الضيف لقوله عليه الصلاة
والسلام : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) ومن إكرامه : إحسان ضيافته
, والواجب في الضيافة يوم وليلة وما بعده فهو تطوع " انتهى من "شرح الأربعين
النووية".
ثانياً :
لا يجب على المرأة خدمة أهل زوجها ، وينبغي أن تفعل ذلك إكراماً لزوجها ، فإن إكرام
أهله من إكرامه ، وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى ويقف عند حدوده ولا يُلزم الزوجة
بما لا يلزمها شرعاً ، وعليه أن يعينها على القيام بخدمة أهله ، وأن يطلب من أخواته
مساعدتها في مثل هذه الحالة .
وينظر جواب السؤال رقم : ( 120282
).
والله أعلم .