لقد طلقني زوجي الأول ثلاث مرات ثم تزوجت بأخر و نظرا أنه ليس لي أقارب فقد تزوجته بنفسي و لكن حدث خطأ في حساب مدة العدة بعشرة أيام و لكن زوجي الثاني لم يلمسني إلا بعد أسبوعين لظروف سفرة فهل زواجي صحيح أولا ماذا أفعل .
الحمد لله.
أولا :
عدة المرأة إذا كانت من ذوات الحيض : ثلاث حيضات ، لقوله تعالى :
(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة/228 ،
وإن كانت لا تحيض لكونها صغيرة أو آيسة ، فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن كانت حاملا
فعدتها وضع الحمل ؛ لقوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ
نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ
يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) الطلاق/4
.
وقد اتفق الفقهاء على أن المرأة التي تحيض عدتها ثلاثة قروء ؛ للآية السابقة ، ثم
اختلفوا في القرء هل هو الحيض أو الطهر ؟ والذي تدل عليه الأدلة ، وهو مذهب الحنفية
والحنابلة أن القرء هو الحيض ، فإن انقضت حيضتها الثالثة فقد انتهت عدتها ، وجاز
العقد عليها .
وأما على القول بأن القرء هو الطهر ، كما هو مذهب المالكية والشافعية ، فإن عدة
المرأة تنتهي برؤية الدم من الحيضة الثالثة إن كان قد طلقها وهي طاهر ، أو برؤية
الدم من الحيضة الرابعة ، إن كان قد طلقها وهي حائض . ينظر : المغني (8/81- 84).
ثانيا :
إذا كان عقد النكاح قد وقع بعد انقضاء العدة ، فالنكاح صحيح .
وإن كان وقع قبل انقضائها فالنكاح باطل ، ووجب أن يفرق بينكما ، ثم تكملي عدة الأول
،
جاء في "الموسوعة الفقهية" (29/ 346) : " اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز للأجنبي
نكاح المعتدة أيا كانت عدتها من طلاق أو موت أو فسخ أو شبهة ، وسواء أكان الطلاق
رجعيا أم بائنا بينونة صغرى أو كبرى . وذلك لحفظ الأنساب وصونها من الاختلاط
ومراعاة لحق الزوج الأول ، فإن عقد النكاح على المعتدة في عدتها ، فُرّق بينها وبين
من عقد عليها ، واستدلوا بقوله تعالى : ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب
أجله ) والمراد تمام العدة ، والمعنى : لا تعزموا على عقدة النكاح في زمان العدة ،
أو لا تعقدوا عقدة النكاح حتى ينقضي ما كتب الله عليها من العدة ... وفي الموطأ :
أن طليحة الأسدية كانت زوجة رشيد الثقفي وطلقها ، فنكحت في عدتها ، فضربها عمر بن
الخطاب وضرب زوجها بخفقةٍ ضربات ، وفرق بينهما ، ثم قال عمر : أيما امرأة نكحت في
عدتها فإن كان الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها
الأول ، ثم إن شاء كان خاطبا من الخطاب . وإن كان دخل بها فُرق بينهما ، ثم اعتدت
بقية عدتها من الأول ، ثم اعتدت من الآخر ، ثم لا ينكحها أبدا " انتهى .
وهذا الأثر عن عمر رضي الله عنه يفيد أن المطلقة إن
تزوجت قبل انقضاء عدتها ، فلها حالتان :
الأولى : أن يتم العقد فقط دون الدخول : فيفرق بينهما ، وتكمل عدة الأول ، ثم
للثاني أن يتزوج بها بعد ذلك .
الثانية : أن يتم العقد والدخول : فيفرق بينهما ، وتكمل عدة الأول ، ثم تعتد من
الثاني ، وتحرم عليه تحريما مؤبدا ، فلا يجوز أن ينكحها بعد ذلك ، وهذا مذهب
المالكية وقول عند الحنابلة .
وأما الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة فذهبوا إلى أن الثاني له أن يتزوجها
بعد انقضاء العدة .
إلا أن الحنابلة يقولون : لا يتزوجها إلا بعد انقضاء " العدتين " ، عدة الأول ،
وعدة الثاني . قال في "مطالب أولي النهى" : "وللثاني الذي تزوجته في عدتها ووطئها
أن ينكحها بعد انقضاء العدتين ، لأنه قبل انقضاء عدة الأول يكون ناكحا في عدة غيره
، وأما انقضاء عدته فلأنها عدة لم تثبت لحقه ؛ لأن نكاحه لا أثر له ، وإنما هي لحق
الولد فلم يجز له النكاح فيها كعدة غيره " انتهى .
ينظر : المنتقى للباجي (3/ 317) ، مطالب أولي النهى (5/ 97، 577) ، أحكام القرآن
للجصاص (1/ 580) ، فتاوى اللجنة الدائمة (18/ 248) .
ولعل الراجح هو أنها إذا أتممت عدة الأول ، جاز أن
يعقد عليك الثاني ، ولا تحتاج إلى عدة منه . وينظر : الشرح الممتع (13/ 387) .
والحاصل : أنه إذا كان عقد النكاح وقع قبل انتهاء عدة الأول ، فالنكاح باطل ،
ويلزمك فراق زوجك الثاني ، وإتمام عدة الأول ، ثم للثاني أن يعقد عليك إذا رضيت
الزواج منه ، ويجب أن يكون ذلك عن طريق وليك ، في حضور شاهدين عدلين ، ولا يجوز أن
تتولى المرأة عقد النكاح بنفسها .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (89582)
ورقم : (2127) .
والله أعلم .