ما حكم الدين فى مقولة الامام الشافعى فى قصيدته : نعيب الزمان والعيب فينا وما للزمان عيب سوانا
الحمد لله.
أولا :
تصحيح البيت المذكور هو :
نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِينَا ** وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا
والذي بعده :
وَنَهجُو ذَا الزَّمَانَ بِغيرِ ذَنْبٍ ** وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَانُ لَنَا هَجَانَا
وهو بيت مشهور ، يتمثل به العامة والخاصة ، نسبه للإمام الشافعي رحمه الله ابن
قتيبة الدينوري في "عيون الأخبار" (ص 232) ، وهو مذكور في الكتاب المسمى بـ "ديوان
الشافعي" (ص 106)
ونسبه ابن البنا في "الرسالة المغنية" (ص41) لبعض الحكماء .
ورواه البيهقي في "الزهد" (233) بسنده عن محمد بن شادل الهاشمي .
ونسبه الزركلي في "الأعلام" (7/20) للصاحب ابن لنكك – وهو محمد بن محد بن جعفر بن
لنكك أبو الحسين البصري – قال في التعريف به : " شاعر ، وصفه الثعالبي بفرد البصرة
وصدر أدبائها ، وقال: أكثر شعره ملح وطرف ، جلها في شكوى الزمان وأهله وهجاء شعراء
عصره . وهو صاحب البيت المعروف : " نعيب زماننا والعيب فينا " انتهى .
وكذا نسبه إليه الجلال السيوطي في "بغية الوعاة" (1/219)
ولعل هذا هو الأقرب ، أما نسبته للشافعي رحمه الله ففيها نظر ، والبيهقي رحمه الله
من أكابر علماء الشافعية ، وكان من أعلم أهل زمانه بالمذهب وإمامه ، حتى قال إمام
الحرمين : " ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي ، فإن
المنة له على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه " قال الذهبي عقبه : " قلت : أصاب أبو
المعالي ، هكذا هو " انتهى . "سير أعلام النبلاء" (18 /168)
فلو كان عنده عن الشافعي – وهو من أعلم الناس به وبنصوصه - لرواه عنه .
وأما ما يسمى بـ "ديوان الشافعي" ففيه كثير من الشعر المنحول عليه ، والذي لا تصح
نسبته للإمام رحمه الله ، بل فيها كثير من الأقوال المخالفة التي يتنزه الإمام عن
مثلها .
ثانيا :
أما معنى البيت فلا يظهر لنا فيه شيء من المخالفة ؛ وإنما المراد به أن الزمان في
نفسه ليس به عيب ، ولا هو أهل لأن يذم ؛ إنما مرد العيب والذم لأفعال الناس
وأخلاقهم .
وهذا كله معنى صحيح مستقيم ، لأن الزمان إنما هو ظرف لما يكون فيه من أقوال الناس
وأعمالهم وأحوالهم ؛ فمتى كان هناك ذم ، كان الحقيق به من يوقع الفعل المذموم ،
وليس الظرف الذي تحدث فيه الأفعال .
والله أعلم .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (131066)