يتصدق ويجعل الأجر له ولأسرته الأحياء والأموات
رزقني الله بوظيفة وراتب شهري والحمد لله ، وأرغب في الاستقطاع من راتبي بشكل شهري ، بمبلغ بسيط 50 أو 100 ريال لأحد المكاتب الخيرية ، والتي تنفقها في مشاريع خيرية كثيرة ومتنوعة ، وأرغب في إشراك أمي وأبي وأجدادي المتوفين وزوجتي وأولادي وإخواني وأعمامي وأخوالي في الأجر .
أيضا أريد من هذا الاستقطاع الشهري التوفيق من الله ، والبركة في راتبي ، والادخار لي يوم القيامة ؛ فهل يصح ذلك ؟ أرجوا التوجيه في ذلك ، وهل هذا يعتبر من صلة الرحم؟
وجزاكم الله خيرا ..
الجواب
الحمد لله.
يجوز أن تستقطع من راتبك الشهري هذا المبلغ وتتصدق به في أوجه الخير ، وتجعل ثوابه
مشتركا بينك وبين من ذكرت من أهلك الأحياء والأموات ، وهذا من هبة ثواب الصدقة
المتفق على جوازها ، ووصول ثوابها للميت .
وهذا العمل فيه بر وإحسان وصلة رحم .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وأي قربة فعلها ، وجعل ثوابها للميت المسلم ، نفعه ذلك ، إن شاء الله ، أما
الدعاء ، والاستغفار ، والصدقة ، وأداء الواجبات ، فلا أعلم فيه خلافا ، إذا كانت
الواجبات مما يدخله النيابة ، وقد قال الله تعالى : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) . وقال الله تعالى : ( واستغفر
لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ) . ودعا النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة حين مات ،
وللميت الذي صلى عليه في حديث عوف بن مالك ، ولكل ميت صلى عليه ، ولذي البجادين حتى
دفنه . وشرع الله ذلك لكل من صلى على ميت . وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال
: يا رسول الله ، إن أمي ماتت ، فينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال : نعم . رواه أبو داود
. وروي ذلك عن سعد بن عبادة . وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا
رسول الله ، إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا ، لا يستطيع أن يثبت على
الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم .
قال : فدين الله أحق أن يقضى . وقال للذي سأله : إن أمي ماتت ، وعليها صوم شهر ،
أفأصوم عنها ؟ قال : نعم . وهذه أحاديث صحاح ، وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر
القرب ; لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادات بدنية ، وقد أوصل الله نفعها
إلى الميت ، فكذلك ما سواها ... ولأنه عمل بر وطاعة ، فوصل نفعه وثوابه ، كالصدقة
والصيام والحج الواجب .
وقال الشافعي : ما عدا الواجب والصدقة والدعاء والاستغفار ، لا يفعل عن الميت ، ولا
يصل ثوابه إليه ; لقول الله تعالى : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) . وقول النبي
صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو
علم ينتفع به من بعده ، أو ولد صالح يدعو له ) " انتهى من "المغني" (2/ 225).
وقال في "كشاف القناع" (2/ 147) : "
( وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه ) كالثلث أو الربع (
لمسلمٍ حي أو ميت : جاز ) ذلك ( ونفعه ، ذلك لحصول الثواب له ( من ) : بيانٌ لكل
قربة ( تطوع وواجب تدخله النيابة كحج ونحوه ) كصوم نذر ( أو لا ) تدخله النيابة (
كصلاة وكدعاء واستغفار ، وصدقة ) وعتق ( وأضحية وأداء دين وصوم وكذا قراءة وغيرها )
. قال أحمد : الميت يصل إليه كل شيء من الخير ، للنصوص الواردة فيه " انتهى بتصرف.
وقال ابن القيم رحمه الله :
" ووجه هذا أن الثواب ملك له فله أن يهديه جميعه ، وله أن يهدى بعضه ، يوضحه أنه لو
أهداه إلى أربعة مثلا يحصل لكل منهم ربعه ، فإذا أهدى الربع وأبقى لنفسه الباقي جاز
، كما لو أهداه إلى غيره " انتهى من "الروح" ص 132
والحاصل :
أن الصدقة يصل ثوابها إلى الميت بإجماع العلماء ، كما حكاه النووي وغيره .
وهكذا الدعاء والاستغفار .
وأما ما عدا ذلك من الأعمال البدنية ، فقد سبق ذكر الخلاف فيه .
وينظر جواب السؤال رقم: (103966)
والله أعلم .