إذا قمت باستئجار لعبة كرة تلعب على لوحة من أحد الناس ، وأجّرتها للاعبين في فترة معينة يدفعون مقابل اللعب ، واتفقت معه على أن أعطيه خمسة دنانير من العائد من هذه اللعبة ، ولكن العائد كان أكثر ، فهل يلزمني أن أخبر صاحب هذه اللعبة بمقدار العائد ، وما حكم هذه الإجارة ؟
بارك الله فيكم .
الحمد لله.
لا يخلو تأجيرك اللعبة من أحد أمرين :
أولا :
أن يكون بعد اتفاق بينك وبين صاحب اللعبة ، يوكلك بتأجير اللعبة على من تريد ،
مقابل أجر معلوم محدد يدفعه صاحب اللعبة لك أنت الوكيل ، ويكون ما يتحصل من اللعبة
خالصا لمالكها .
وحينئذ يجب عليك الالتزام بدفع جميع الأجرة التي وصلت إليك من اللاعبين إلى صاحب
اللعبة ، وإخباره بحقيقة الأمر ، وتأخذ أنت المبلغ الذي اتفقت عليه معه ، فإن لم
تفعل فقد استحققت الإثم والمال الحرام ، والمسلم يربأ عن الكذب والخيانة .
والواجب أن تكون الأجرة التي تأخذها مقابل توكلك في تأجير اللعبة مبلغا مقطوعا
محددا بالرقم ، وليس محددا بنسبة مئوية ، فجمهور الفقهاء اشترطوا أن تكون أجرة
الوكيل معلومة محددة .
قال الإمام الماوردي الشافعي رحمه الله :
" ولا يصح الجعل إلا أن يكون معلوما ، فلو قال : قد وكلتك في بيع هذا الثوب على أن
جعلك عشر ثمنه ، أو من كل مائة درهم في ثمنه درهم : لم يصح ؛ للجهل بمبلغ الثمن ،
وله أجرة مثله " انتهى من " الحاوي " للماوردي (8/224)
وقال البهوتي رحمه الله :
" لا يصح التوكيل بجعل مجهول ؛ لفساد العوض " انتهى من " كشاف القناع " (3/489)،
وانظر : " الموسوعة الفقهية " (45/92)
ثانيا :
أن تستأجر أنت اللعبة من مالكها ، ولا يتم الاتفاق بينك وبينه على شيء بخصوص تأجير
اللعبة من قبلك ، فتذهب أنت وتؤجر ما استأجرته منه : فهذا الفعل جائز ولا حرج فيه ،
ولكن بشرط أن يكون المستأجر منك أمينا عليها أيضا ؛ فلا تؤجرها لمن يضر بها
ويستعملها بالطريقة التي تختلف عن استعمالك أنت لها .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" يجوز للمستأجِر أن يؤجِّر العينَ المستأجَرَةَ إذا قبضها ، نص عليه أحمد ، وهو
قول...الشافعي ، وأصحاب الرأي .
وذكر القاضي فيه رواية أخرى ، أنه لا يجوز :
لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن ، والمنافع لم تدخل في ضمانه .
ولأنه عقد على ما لم يدخل في ضمانه ، فلم يجز ، كبيع المكيل والموزون قبل قبضه .
والأول أصح ؛ لأن قبض العين قام مقام قبض المنافع ، بدليل أنه يجوز التصرف فيها ،
فجاز العقد عليها ، كبيع الثمرة على الشجرة .
إذا ثبت هذا فإنه لا تجوز إجارته إلا لمن يقوم مقامه ، أو دونه في الضرر " انتهى من
" المغني " (5/277)
ولا يفوتنا تنبيهك هنا إلى أنه لا ينبغي أن يكون اللعب
عادة المسلم ولا ديدنه ، بل الانشغال بالعمل النافع ، والسعي الصالح ، يتعلم علما ،
أو يتأدب خلقا ، أو يكتسب رزقا ، أو ينشر فضيلة ، أو يصل رحما وصديقا ، وأما اللعب
والتسلية – بما يخلو من الحرام – فلا تستغرق إلا فضلة من الوقت اليسير ، فإن اشتمل
اللعب على المقامرة بالمال ، أو أدى إلى تضييع الواجبات صار حراما .
والله أعلم .