ما الحكم الشرعي في استخدام المبيدات الحشرية في الزراعة والتي تتسبب أحياناً في تسمم بعض المنتجات الزراعية ؟ .
الحمد لله.
أولاً:
المبيدات الحشرية سلاح خطير يعبث به كثيرون بالتسبب بضرر بالغ بالبيئة وبالطعام
والشراب والتربة ، وكل ذلك طمعاً بدنيا زائلة ، وقد تنادى العقلاء في أرجاء العالَم
لوضع حدٍّ لما يقوم به أولئك العابثون بذلك الضر العظيم ، والذي يؤدي ليس إلى قتل
الناس الذين يتناولون تلك الثمار المزروعة والتي رُشَّت بالمبيدات وقطفت قبل الوقت
المسموح به ، وقد أدى ذلك في كثير من البلدان إلى التسبب بقتل من أكل من تلك الثمار
، وهذا عدا عن تأثير تلك المبيدات على التربة والمياه الجوفية وعلى الهواء ، فتسببت
بتلوث ذلك كله .
وفي " الموسوعة العربية العالمية " : " يجب التعامل مع جميع أنواع مبيدات الحشرات
على أنها مواد سامة ، ويجب ارتداء الملابس الواقية عند استعمالها لتجنب حوادث
التسمم ، وتختار المبيدات المراد استعمالها بحذر شديد ؛ وذلك لأن الاختيار الخاطئ
قد يؤدي إلى قتل أو يؤدي إلى الإضرار بالنبات أو الحيوان المراد حمايته ، كما يجب
تجنب الاستعمال المكثف للمواد التي تترك متبقيات ضارة على المحاصيل الغذائية " .
انتهى .
وفيها – أيضاً - : " وقد يؤدِّي التلوث بالمبيدات الحشرية، والكيميائيات العضوية
الأخرى إلى تسمم الأغذية أيضاً " . انتهى .
وقال الأستاذ محمد محمود كالو : "ولكثرة هذه الآفات استعمل الإنسان المبيدات
والمضادات للأعشاب والحشرات ، ومن أجل جشعه الزائد استعمل مخصبات وأسمدة لزيادة
الإنتاج والمحصول ، ونتيجة للاستعمال المفرط والخاطئ لهذه الأسمدة والمبيدات : فإن
كمية كبيرة من هذه السموم تبقى في التربة دون انحلال زمناً طويلاً ، فمنها ما
يمتصها النبات ، ومنها مع هطول الأمطار أو الري تتسرب إلى طبقات الأرض مسببة تلوثاً
للمياه الجوفية والسطحية ، أو تبخر بفعل حرارة الشمس مسببة تلوث الهواء المحيط " .
انتهى من موقف القرآن من العبث البشري بالبيئة (ص: 17 ) – ترقيم الشاملة - .
وبما سبق يتبين : أنه لا يجوز لمزارع استعمال المبيدات
الحشرية وفق هواه ، بل لا بدَّ من رجوعه لأهل الاختصاص لدلالته على النوع الملائم
ليستعمله ، ويجب عليه التقيد بالتعليمات والإرشادات المتعلقة بكيفية رش الأشجار
والثمار ، والالتزام القطعي بالوقت المسموح له بقطف الثمار بعدها ، دفعا للضرر
المترتب على مخالفة ذلك .
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ ( لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ) رواه ابن ماجه ( 2314 ) ، وحسنه
النووي وابن الصلاح وابن رجب - كما في " جامع العلوم والحكم " ( ص 304 ) - وحسَّنه
الألباني في " صحيح ابن ماجه " .
قال علماء اللجنة الدائمة - في شرح الحديث - : " نهى النبي صلى الله عليه وسلم
المكلَّف أن يضرَّ نفسه أو يضرّ غيره ، ففيه دلالة على منع الإنسان من التعدي على
نفسه ، أو غيره .
" . انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 400 ) .
والله أعلم