الحمد لله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والصواب : أن
العيب كل ما يفوت به مقصود النكاح، ولا شك أن من أهم مقاصد النكاح المتعة والخدمة
والإنجاب ، فإذا وجد ما يمنعها فهو عيب ، وعلى هذا فلو وجدت الزوج عقيماً ، أو
وجدها هي عقيمة فهو عيب " انتهى من "الشرح الممتع" (12/ 220).
وينظر جواب السؤال رقم : (43496) .
فإن علمت الزوجة بالعيب بعد قبل النكاح أو بعده ورضيت به ، سقط حقها في الفسخ .
قال في "زاد المستقنع" : " ومن رضي بالعيب ، أو وجدت منه دلالته مع علمه فلا خيار
له " انتهى .
ويظهر من سؤالك أنك رضيت بذلك واحتسبت الأجر .
ولهذا لو أردت مفارقة زوجك لم يكن أمامك إلا طلب الطلاق أو الخلع .
ثانيا :
إذا تضررت المرأة من بقائها بلا إنجاب ، وخشيت ألا تقوم بحق الزوج ، أو كرهت المقام
ببلاد الكفر وخشيت على نفسها الفتنة وأبى زوجها الرجوع إلى بلاد الإسلام ، أبيح لها
طلب الطلاق أو الخلع .
والأصل تحريم طلب الطلاق أو الخلع إلا لعذر ؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي
(1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ
زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة
) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن المختلعات هن
المنافقات) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع (
1934)
ومما يدل على جواز الخلع عند خوف المرأة من كفران عشيرها وعدم القيام بحقه : ما روى
البخاري (5273) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ
قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا
دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ
: نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ
الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً) .
وعند ابن ماجه (2056) أنها قالت : (لا أطيقه بغضاً) صححه الألباني في صحيح ابن ماجة
.
ولهذا ينبغي أن تنظري في أمرك ، ولا تتعجلي طلب الطلاق
أو الخلع إلا عند وجود المسوّغ لذلك من حصول الضرر وعدم احتمال العيش مع زوجك .
وأما مجرد العقم فليس مسوغا ، وكم من امرأة صبرت على عقم زوجها حتى رزقهما الله
تعالى من فضله ، ولو أن العقم كان من جهتك وأراد زوجك طلاقك أما كنت تشعرين بالألم
وترين ذلك عدم وفاء .
وأما الفراغ فيمكن علاجه بوسائل كثيرة ، وينظر لذلك جواب السؤال رقم : (47398)
.
وأما العمل ، فلا ينبغي أن تحرصي عليه ما دمت مكفية بنفقة زوجك ، ومع ذلك فلو فتشت
فيما حولك لأمكنك إيجاد عمل مناسب كتعليم أطفال المسلمين ، وتحفيظ القرآن ،
والاشتغال بحرفة تمارس في البيت كالخياطة والتطريز والنقش والحناء وغير ذلك مما
تحتاجه المسلمات في بلاد الغربة وغيرها .
والوصية لك أن تلتحقي بأحد المراكز الإسلامية ، وأن تختاري الصحبة الصالحة ، وأن
تستعيني بها في إيجاد العمل المناسب ، وأن تشغلي وقتك بطلب العلم ، وحفظ القرآن
الكريم ، وتحصيل الحسنات بما يمكن من الطرق المشروعة .
نسأل الله أن يلهمك رشدك ، وأن يقر عينك بالذرية الصالحة .
والله أعلم .