طُلب من المسلم الابتعاد عن الحرام لأنه يجده في الجنة ، فهل هذه العبارة صحيحة أن كل المحرمات والشهوات المحرمة في الدنيا محللة جائزة في الآخرة ؟ إذ هناك شهوات كالحب المثلي يقال إنها محرمة في الدنيا والآخرة فكيف يتوقف المسلم عنها عندما ييأس من أن يجدها في الآخرة ؟ ما الدافع القوي لتركها في الدنيا ؟ .
الحمد لله.
أولاً:
عبارة " طُلب من المسلم الابتعاد عن الحرام لأنه يجده في الجنة " : غير صحيحة إذا فُهمت أنها على عمومها ؛ إذ ليس كل ما حرَّمه الله تعالى علينا نجده في الآخرة ، وإنما جاء ذلك في أشياء معدودة كتحريم لبس الحرير وتحريم شرب الخمر وتحريم الشرب بآنية الذهب والفضة ؛ فإن هذه الأشياء يجدها المسلم في الجنة بما هو لائق بفضل الله وبما هو لائق بتلك الدار .
فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْهُ فِي الْآخِرَةِ , وَمَنْ شَرِبَ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ لَمْ يَشْرَبْ بِهِمَا فِي الْآخِرَةِ ) ثُمَّ قَالَ ( لِبَاسُ أَهْلِ الْجَنَّةِ , وَشَرَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ , وَآنِيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) .
رواه النسائي في " السنن الكبرى " ( 6869 ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم ( 384 ) .
وإذا كان الشيء المحرم له نظير في الآخرة ؛ فقد ذهب بعض العلماء إلى أن من فعل هذا المحرم في الدنيا عوقب بحرمانه في الآخرة ، كالغناء والاستمتاع بامرأة لا تحل له .
قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :
"من صام اليوم عن شهواته : أفطر عليها بعد مماته ، ومن تعجل ما حرم عليه قبل وفاته : عوقب بحرمانه في الآخرة وفواته ، وشاهد ذلك قوله تعالى : ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ) الأحقاف/ 20 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ومن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة )" انتهى من" لطائف المعارف " ( ص 147 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله - وهو يعدد العقوبات التي تقع على الزاني إذا لم يتب - :
"ومنها : أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن ، والله سبحانه وتعالى إذا كان قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه يوم القيامة ، وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة ، فكذلك مَن تمتع بالصور المحرمة في الدنيا ، بل كل ما ناله العبد في الدنيا من حرام : فاته نظيره يوم القيامة" انتهى .
انتهى من" روضة المحبين " ( 365 - 368 ) .
أما اللواط والسحاق فقد حرم الله تعالى ذلك على عباده في الدنيا ، وأهل الجنة منزهون عن مثل هذه الفواحش .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (130289) و (20068) .
والله أعلم