الماء المقدَّس عند النصارى وحكم شربه ومناظرة لطيفة فيه
هل ما سمعنا عن الماء المقدس ( holy water ) الذي أعده النصارى يسبب الردة - والعياذ بالله – صحيح ؟ وهل صحيح إذا شربه فالدواء يكون بالمياه من سبعة مساجد يقرأ فيه الفاتحة وغيرها ؟
الجواب
الحمد لله.
لا يوجد على وجه الأرض ماء مقدَّس ، وليس هناك ماء أشرف ولا أكثر بركة من ماء زمزم
؛ لما ثبت فيه من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها قوله صلى
الله عليه وسلم : ( إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ ) كما ثبت في "
صحيح مسلم " ( 2473 ) ، ومع ذلك فإننا لا نسميه : الماء المقدس .
والماء المقدس عند النصارى يزعمه : القساوسة والرهبان ؛ ليتكسبوا من ورائه ،
وليأكلوا أموال الناس بالباطل ، ومن أواخر ذلك : خلط ذلك الماء المزعوم بأنه مقدَّس
مع الدواء ليشرب علاجاً للإيدز في أثيوبيا .
وهو عند النصارى من أسرار الكنيسة ، إضافة إلى أنه من شعائر دينهم ، وهذا الماء
يزعم النصارى وجوده في " الأردن " و " الفاتيكان " ، وغيرهما من الأماكن ، ويزعم
الهندوس أنه ماء نهر " جانج " فيستشفي المرضى به ، ويتطهر العصاة بالاغتسال فيه ! .
ولم يُرَ في واقع حال ممن يعمِّده النصارى – وكذا الهندوس وغيرهم - بالماء المقدَّس
– على زعمهم – أخلاق فاضلة ، ولا تصرفات سليمة ، فعندهم القتل والاغتصاب والسرقة
وغير ذلك من الأخلاق والفعال السيئة ، ولا تخفى أفعال النصارى في العالم ، قهراً ،
وظلماً ، وقتلاً واغتصاباً للأعراض والأموال والأرض ، ومثلهم الهندوس في جرائمهم ضد
المسلمين .
قال الدكتور يوسف الصغيِر – وفقه الله - :
"إن غياب أخلاق المحاربين يدل على خواء الحضارة الحالية ، فمعظم شعبي " راوندا
وبورندي " تربوا على يد الكنيسة ، سواء الكاثوليكية ، أو البروتستانتية ، وعُمّدَ
الناس وغمسوا في الماء المقدس ! ونالتهم بركات القُسُس ! ومع ذلك فهم أكثر همجية
ووحشية ؛ لأنهم جمعوا أخلاق الوثنيين مع طبائع الغربيين في إدارة الصراع التي تتلخص
في الإبادة الجماعية التي تحل كل إشكال ، لقد كان للإسلام وجود كبير في المنطقة
انحسر مع قدوم المستعمر ، أفليس من حقهم أن نهتم بهم لعل الله أن يحدث بعد ذلك
أمراً ؟!" انتهى .
" مجلة البيان " ( عدد 77 / ص 71 ) .
واليك هذه المناظرة بين شيخ مسلم اسمه واصل وقس نصراني .
روى الحافظ ابن عساكر بإسناده إلى " واصل الدمشقي " قال : أُسر غلام من بني بطارقة
الروم ، وكان غلاماً جميلاً ، فلما صار إلى دار الإسلام وقع إلى الخليفة ، وكان ذلك
في ولاية بني أمية فسمَّاه " بشيراً " ، وأمر به إلى الكتَّاب ، فكتب ، وقرأ القرآن
، وروى الشعر ، وطلب الحديث ، وحجَّ ، فلما بلغ واجتمع أتى الشيطان فوسوس إليه ،
وذكَّره النصرانية – دين آبائه - فهرب مرتداً من دار الإسلام إلى أرض الروم ، والذي
سبق له في أم الكتاب ، فأتي به ملك الطاغية ، فساءله عن حاله ، وما كان فيه ، وما
الذي دعاه إلى الدخول في النصرانية ، فأخبره برغبته فيه ، فعظم في عين الملك ،
فرأَّسه وصيَّره بطريقا من بطارقته ، وكان من قضاء الله وقدره أن أُسر ثلاثون رجلا
من المسلمين ، فلما دخلوا على " بشير
ساءلهم رجلاً رجلاً عن دينهم ، وكان فيهم شيخ من أهل دمشق يقال له " واصل " ، فسأله
بشير وأبى الشيخ أن يرد عليه شيئا ، فقال بشير : ما لك لا تجيبني ؟ قال الشيخ : لست
أجيبك اليوم بشيء ، قال بشير للشيخ : إني مسائلك غداً فأعد جواباً ، وأمره
بالانصراف .
فلما كان من الغد بعث بشير إلى الشيخ فلما دخل عليه إذا عنده قس عظيم اللحية ، قال
له بشير : إن هذا رجل من العرب ، له حلم وعقل وأصل في العرب ، وقد أحب الدخول في
ديننا فكلمه حتى تُنصرَّه ! فسجد القس لبشير ، ثم أقبل القس على الشيخ ، فقال أيها
الشيخ : ما أنت بالكبير الذي قد ذهب عنه عقله وتفرق عنه حلمه ، ولا أنت بالصغير
الذي لم يستكمل عقله ، ولم يبلغ حلمه ، غداً أغطسك في المعمودية غطسة تخرج منها
كيوم ولدتك أمك .
قال الشيخ : وما هذه المعمودية ؟ .
قال القس : ماء مقدس .
قال الشيخ : مّنْ قدَّسه ؟ .
قال القس : قدستُه أنا والأساقفة قبلي .
قال الشيخ : فهل يقدِّس الماء من لا يقدس نفسه ؟ .
قال : فسكت القس .
ثم قال : إني لم أقدسه أنا .
قال الشيخ : فكيف كانت القصة إذاً ؟ .
قال القس : إنما كانت سنَّة من عيسى بن مريم .
قال الشيخ : فكيف كان الأمر ؟ .
قال القس : إن يحيى بن زكريا أغطس عيسى بن مريم بالأردن غطسة ، ومسح برأسه ، ودعا
له بالبركة .
قال الشيخ : واحتاج عيسى إلى يحيى يمسح رأسه ويدعو له بالبركة ، فاعبدوا يحيى خير
لكم من عيسى .
فسكت القس ، واستلقى بشير على فراشه ، وأدخل كمَّه في فيه ، وجعل يضحك ، وقال للقس
: قم أخزاك الله ، دعوتك لتنصرنَّه فإذا أنت قد أسلمت !!" انتهى .
" تاريخ دمشق " ( 62 / 377 - 380 ) .
وعليه : فلا يحل لمسلم أن يغتسل من ذلك الماء ، أو يرش على نفسه منه ، أو يشرب منه
، ومن اعتقد فيه القدسية فإنما يصحح دين النصارى المحرَّف ، فليحذر المسلم من
أولياء الشيطان ، وليحافظ على دينه من أن يضيعه ، وليست توبة من فعل ذلك بشرب ماء
من مساجد لا قليلة ولا كثيرة ، بل عليه الصدق في التوبة والإنابة ، والكف فوراً عن
تلك الفعال .
والله أعلم